أرقام متضاربة... وواقع معقد : الجزائر واسترجاع الأموال المنهوبة
- cfda47
- 27 يونيو
- 2 دقيقة قراءة
تاريخ التحديث: 27 يونيو

منذ انطلاق الحراك الشعبي في 2019 وسقوط نظام بوتفليقة، وضعت السلطات الجزائرية ملف استرجاع الأموال المنهوبة على رأس أولوياتها. وقد أعلن الرئيس عبد المجيد تبون أن الدولة تمكنت من استرجاع أكثر من 30 مليار دولار من الأموال والممتلكات المنهوبة، تشمل عقارات، وحدات صناعية، وأرصدة مالية داخل البلاد وخارجها.
لكن هذه الأرقام أثارت تشكيكًا واسعًا من قبل خبراء ومراقبين، خاصة في ظل غياب الشفافية حول تفاصيل هذه العمليات، وعدم نشر تقارير رسمية توضح مصادر هذه الأموال وآليات استرجاعها، ممّا جعل البعض يعتبر القضية مجرد طموح بعيد عن والواقع .
إصلاحات قانونية لتسريع الاسترجاع
في أبريل 2025، عرض وزير العدل الجزائري مشروع قانون جديد أمام البرلمان يتضمن تدابير بديلة للمتابعة القضائية في قضايا الفساد، مثل:
تأجيل المتابعة القضائية مقابل استرجاع الأموال أو الممتلكات المختلسة.
إطلاق وكالة وطنية لإدارة الأموال المجمدة والمحجوزة، لتفادي تعطيلها بانتظار الأحكام القضائية.
تعزيز الوساطة القضائية كآلية بديلة لتسوية النزاعات المالية.
هذه التعديلات تهدف إلى تسريع وتيرة الاسترجاع، خاصة في ظل تعقيدات التعاون القضائي الدولي.
التحديات الدولية: سويسرا، لوكسمبورغ والجزر العذراء
أشار الرئيس تبون إلى أن جزءًا من الأموال المهربة تم إخفاؤه في خزائن خاصة في سويسرا ولوكسمبورغ والجزر العذراء، ما يجعل استرجاعها عملية شاقة تتطلب تعاونًا قضائيًا دوليًا معقدًا.
ورغم أن بعض الدول الأوروبية أبدت استعدادها للتعاون، إلا أن الإجراءات القانونية الطويلة، واستقلالية القضاء في تلك الدول، تجعل العملية بطيئة ومحدودة النتائج حتى الآن.
هل الأرقام واقعية؟
بعض المراقبين يرون أن الحديث عن استرجاع 30 مليار دولار قد يكون مبالغًا فيه، خاصة و أن الجزائر لم تنشر قوائم تفصيلية بالممتلكات أو الأرصدة المسترجعة كما هو متعارف عليه.
التحقيقات الدولية لم تؤكد بعد استرجاع مبالغ كبيرة من الخارج.، خاصة وأنً العديد من رجال الأعمال المدانين ما زالوا في السجن دون تسوية واضحة.
التأثير الاقتصادي للأموال المنهوبة
اختفاء مبالغ ضخمة من خزينة الدولة لأكثر من عقدين ترك آثارًا بالغة على الاقتصاد الجزائري، ومن أبرزها:
تراجع مشاريع البنى التحتية: توقفت أو تباطأت مشاريع مهمة في النقل والصحة والتعليم نتيجة نقص التمويل.
تدهور ثقة المستثمرين: الفساد المالي قلل من ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في بيئة الأعمال بالجزائر.
العجز المزمن في الميزانية: اضطرت الدولة إلى تقليص الإنفاق الاجتماعي وزيادة الاستدانة لمواجهة آثار النهب المالي.
ارتفاع البطالة: كان من الممكن توظيف آلاف الشباب لو تم استثمار تلك الأموال في قطاعات إنتاجية.
إلى أين تتجه الأمور؟
أرسلت الجزائر عشرات الإنابات القضائية الدولية، وطالبت بتسريع الإجراءات من خلال اتفاقيات تبادل المعلومات المالية ومكافحة التهرب الضريبي. فاسترجاع الأموال اليوم يمكن أن يكون نقطة تحول، إذ قد يُعاد توجيهها لتمويل برامج تنموية أو تقليص الدين العمومي.
فرغم التحديات، فإن الجزائر تسعى إلى توسيع التعاون الدولي عبر اتفاقيات قضائية جديدة، تشجيع التسوية الودية مع رجال الأعمال مقابل استرجاع الأموال وتعزيز الرقابة الداخلية لمنع تكرار سيناريو النهب المالي.
يبدو أن مسار استرجاع الأموال المنهوبة في الجزائر طويل ومعقد، لكنه لا يخلو من فرص حقيقية لتصحيح المسار المالي والاقتصادي للدولة. مع توفر الإرادة السياسية وتعزيز الشفافية، قد يتحول هذا الملف من عبء موروث إلى أداة لبناء مستقبل أكثر عدالة ونزاهة.
حكيم ش
Comments