البابا ليو الرابع عشر والقديس أوغسطين: لقاء الروحانية والتسامح في أرض الجزائر
- cfda47
- 18 مايو
- 2 دقائق قراءة

خلال مشاركته في قدّاس تنصيبه في الفاتيكان، بحضور السفير الجزائري رشيد بلادهان. أعلن البابا ليو الرابع عشر عن رغبته في زيارة الجزائر، مؤكداً تطلعه إلى تعزيز العلاقات الروحية والثقافية بين الفاتيكان والجزائر. هذه الزيارة، إن تمت، ستكون ذات دلالة رمزية، خاصة في ظل العلاقات التاريخية بين الجزائر والفاتيكان. ويصادف هذا التصريح اليوم الدولي للعيش معًا بسلام.
في خطابه، وجه البابا شكره للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على رسالة التهنئة التي تلقاها منه، مشيرًا إلى أن الجزائر هي موطن القديس أوغسطين، الذي يعتبره البابا أحد أبنائه الروحيين.
يرمز البابا ليو الرابع عشر والقديس أوغسطين إلى جانبين مهمين في تاريخ الروحانية والفكر الديني: الأول باعتباره زعيم الكنيسة الكاثوليكية، والثاني كفيلسوف لاهوتي جزائري الأصل ترك بصمة عظيمة على المسيحية الغربية.
إذا تحقق حلم البابا بزيارة الجزائر، فستكون لحظة رمزية تعكس ارتباط الفاتيكان بتاريخ هذا البلد، خاصة وأن الجزائر كانت موطنًا للقديس أوغسطين ، الذي سعى إلى نشر قيم الحكمة والإيمان خلال عصره المضطرب.
القديس أوغسطين (354-430 م) هو أحد أبرز الفلاسفة واللاهوتيين في التاريخ المسيحي، ويُعتبر من آباء الكنيسة الغربية. وُلِد في طاغاست (سوق أهراس حاليًا، الجزائر)، وكان من أصول أمازيغية، لكنه تلقى تعليمه باللغة اللاتينية. أوغسطين كان أيضًا أسقف هيبو (عنابة حاليًا)، ولعب دورًا مهمًا في الدفاع عن العقيدة المسيحية ضد التيارات الفكرية المختلفة في عصره.
يُعد كتاب "الاعترافات" من أوائل السير الذاتية في التاريخ، حيث يروي فيه القديس أوغسطين رحلته الروحية والفكرية. كتاب "مدينة الله" يناقش فيه العلاقة بين السلطة الدنيوية والسلطة الإلهية.
قام القديس أوغسطين بتطوير مفهوم النعمة والخطيئة الأصلية. وكان لأفكاره تأثير كبير على اللاهوت المسيحي، خاصة في الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية.
العيش معًا في سلام
في عالم مليء بالصراعات، يظل العيش معًا في سلام جوهرًا يسعى له قادة دينيون وفلاسفة عبر التاريخ. فكما علّم أوغسطين أهمية التسامح والبحث عن الحقيقة، يدعو البابا إلى الوحدة بين الشعوب من خلال الحوار والتفاهم. ربما يشكل هذا اللقاء المرتقب بين شخصية دينية حالية وإرث ديني خالد فرصة لإعادة التأكيد على القيم المشتركة بين الأديان والثقافات، حيث لا يكون السلام مجرد فكرة، بل واقعًا يمكن تحقيقه بالمحبة والتسامح.
اليوم الدولي للعيش معًا بسلام هو مناسبة سنوية تحتفل بها الأمم المتحدة في 16 مايو من كل عام، بهدف تعزيز قيم التسامح والتفاهم والتضامن بين الشعوب. تم اعتماد هذا اليوم رسميًا في 2017 بناءً على اقتراح الجزائر، حيث استلهم من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي أطلقه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عام 2005.
قبل استقلال الجزائر عام 1962، كان هناك حوالي مليون مستوطن كاثوليكي، معظمهم من الأوروبيين، لكن بعد الاستقلال، غادر الكثير منهم إلى فرنسا وإسبانيا، مما أدى إلى انخفاض عدد الكاثوليك بشكل كبير ويشكلون أقلية صغيرة جدًا.
في عام 2020، شكل الكاثوليك 0.01-0.02% من سكان الجزائر، أي بضعة آلاف فقط وهناك 30 رعية كاثوليكية في البلاد، تخدمها 62 كاهنًا و116 راهبة. ورغم العدد القليل، لا تزال الكنيسة الكاثوليكية قادرة على إقامة الخدمات الدينية وزيارة السجون دون تدخل من السلطات.
الكنائس الكاثوليكية في الجزائر، مثل كنيسة السيدة الإفريقية في العاصمة، تعد رموزًا تاريخية تعكس التنوع الديني والثقافي في البلاد.
التحرير
Comments