
في اليوم العالمي لحقوق الإنسان الموافق لـ 10 ديسمبر 2024، تعكس الجزائر مشهدًا سياسيًا واجتماعيًا معقدًا يجمع بين مظاهر الانفراج وخطوات التضييق. عام 2024 شهد استمرارًا في تشديد الرقابة على الحريات الأساسية مثل حرية التعبير، والتجمع، وتأسيس الجمعيات، مما يعكس سياسة تقييدية واضحة.
جاء تصنيف الجزائر في المرتبة 136 عالميًا في حرية الصحافة ليؤكد استمرار العقبات أمام الإعلام والمعلومات. كما شهد القطاع الأدبي تجليًا لهذه السياسة التقييدية من خلال معرض الجزائر الدولي للكتاب (SILA) 2024. فقد تم استبعاد “دار كوكو للنشر”، استكمالًا لمنعها الذي بدأ عام 2023، بعد رفض المحكمة الابتدائية في حسين داي طعنًا قدمته ضد لجنة الرقابة.
التضييق طال أيضًا دور نشر أخرى، مثل “منشورات فرانز فانون”، التي تعرضت لممارسات رقابية مشددة، بما في ذلك فحص الكتب للحصول على رقم ISBN ومراقبة صارمة للأجنحة. ويُعتقد بوجود “قائمة سوداء” بأسماء مؤلفين غير مرحب بهم.
رغم هذا المناخ، جاء عفو رئاسي في 1 نوفمبر 2024 ليمنح بصيص أمل بتحولات محتملة. هذا العفو، الذي شمل أكثر من 4000 معتقل، تزامن مع ذكرى اندلاع ثورة التحرير، مضفيًا عليه رمزية تاريخية عميقة.
ومن بين المفرج عنهم شخصيات بارزة مثل الصحفي إحسان القاضي، مدير “راديو إم”، الذي أمضى 22 شهرًا في السجن، إلى جانب الناشط المناهض للغاز الصخري مهدي قاسمي والشاعر الحراكي محمد تجاديت. هذه الإفراجات عكست إشارات على احتمال وجود نوايا لفتح أفق سياسي جديد.
رغم هذه المبادرات، لا تزال التحديات قائمة مع استمرار الملاحقات القانونية والقيود المفروضة على الحريات الديمقراطية. يبقى الطريق نحو الاعتراف الكامل بالحقوق والحريات طويلًا ومعقدًا.
وفي هذا الإطار، تلعب منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية دورًا رئيسيًا في إبقاء ملف حقوق الإنسان في دائرة الضوء.
الجزائر اليوم هي ساحة متناقضة تجمع بين التطلعات للتغيير وإرث الماضي، لتظل التساؤلات مفتوحة حول طبيعة الخطوة المقبلة.
التحرير
Commenti