top of page

الوقفة التي لا تنكسر: صرخة عائلات المختطفين في وجه الصمت

  • cfda47
  • 24 يوليو
  • 2 دقيقة قراءة
ree

في كل أسبوع، وتحديدًا يوم الأربعاء، تجتمع مجموعة من العائلات أمام إحدى الساحات في الجزائر، رغم حرارة الشمس الحارقة، ورغم قلة الحضور، ورغم الأعذار التي تتكرر، هناك من لا يكل ولا يمل. هؤلاء لا يبحثون عن مجد ولا مكاسب، بل عن خبر... خبر قد يطفو من ظلمة المجهول، عن فلذات أكباد غيّبهم الاختطاف، وتركت صورهم تجاور الحنين على الجدران.


الاختفاء القسري في الجزائر يُعد من أكثر الجرائم المأساوية التي خلفتها سنوات الحرب الأهلية، والتي لا تزال آثارها النفسية والحقوقية تُثقل كاهل آلاف العائلات حتى اليوم.


خلال الحرب الأهلية بين 1991 و2002، اختفى قسريًا ما بين 10,000 إلى 20,000 شخص، معظمهم بعد اعتقالات تعسفية. السلطات الجزائرية لم تصادق على الاتفاقية الدولية الخاصة بهذه الجريمة، مما ساهم في استمرار الإفلات من العقاب. رغم مرور أكثر من 19 سنة على تطبيق "ميثاق السلم والمصالحة الوطنية"، لا تزال العائلات تواجه عوائق قانونية تمنعها من معرفة الحقيقة أو تحقيق العدالة.


حسب الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، يُعرّف على أنه:

"الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف من قبل الدولة أو من يتصرفون بموافقتها، يتبعه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصيره أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون".

الوجوه التي لا تُنسى

في وقفة 23 جويلية 2025، شاهدنا التعب متمسكًا في تفاصيل الوجوه، والإرهاق يحفر أخاديده في العيون، ومع ذلك، ما زالوا واقفين. تقول أم مكلومة: "يا وليدي، أنت كبرت معنا"، كلمات بسيطة تحمل من العمق ما يوازي سنوات من الحزن والانتظار، تُعبّر عن امتنـانها لمن يحمل معهم هذا العبء الثقيل، وكأن القضية أصبحت مسؤولية جماعية لا تعرف حدودًا.


جرائم لا تسقط بالتقادم

يُطلب من العائلات تقديم شهادة وفاة للحصول على تعويض، رغم أن مصير أحبائهم لا يزال مجهولًا، مما يُعد شكلًا من أشكال المعاملة اللاإنسانية. القانون يُجرّم من يتحدث علنًا عن هذه الانتهاكات، ويُعرضهم لعقوبات بالسجن، مما يُقيد حرية التعبير ويُكرّس الصمت الرسمي.


ما حدث لهؤلاء الضحايا ليس مجرد اختفاء، بل سلسلة من الجرائم ضد الإنسانية: خطف، تعذيب، تشريد... وكلها تسير في ظلال مظلمة دون محاسبة. هؤلاء المجرمون، الذين فرّقوا العائلات، كيف سيلتقون الله يوم الحساب؟ هذا السؤال لا يفارق ألسنة الأمهات والآباء، الذين يؤمنون بأن "دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب"، ويرددونها في كل وقفة، وكل دمعة، وكل لحظة صمت.


الوعد الذي لا ينكسر

من بين جموع المتضامنين، نجد من قطع على نفسه عهدًا ألا يتنازل عن القضية، ولو قدّم حياته فداء لها. لأن هذه ليست قضية أفراد، بل قضية حق ضائع وعدالة معلقة. الوقفات الأسبوعية هي صرخة، عهد، وطلب إنصاف... إنها تذكرة للجميع بأن هناك من ينتظر الحقيقة في كل صباح.


دعوات للعدالة

منظمات حقوقية محلية ودولية تطالب بـفتح تحقيقات مستقلة وشفافة. إلغاء قوانين العفو التي تمنع محاسبة الجناة. إنشاء قاعدة بيانات للحمض النووي لتحديد هوية المختفين. ضمان تعويض عادل وجبر ضرر شامل للعائلات.


حاج ابراهيم

تعليقات

تم التقييم بـ 0 من أصل 5 نجوم.
لا توجد تقييمات حتى الآن

إضافة تقييم
bottom of page