بعد 60 سنة عطاء: وهران تفقد معلمًا ثقافيًّا لغياب القُرّاء والتّمويل

في خطوة مؤسفة للمشهد الثقافي في الجزائر، أعلنت مكتبة ومركز التوثيق والأبحاث الاجتماعية (CDES) بوهران عن إغلاقها النهائي المرتقب يوم 30 جوان 2025، بعد أكثر من ستة عقود من النشاط المتواصل في خدمة الباحثين والطلبة ومحبي المعرفة.

قرار الإغلاق، الذي كشف عنه مدير المركز برنار جانيكو في بيان له، جاء نتيجة عجز مالي مزمن فاقمته قلة التمويل وتراجع كبير في عدد القراء والمشتركين، رغم أهمية المركز وموقعه في واحدة من أكثر المدن الجزائرية حيوية من الناحية الأكاديمية والثقافية.

المركز، الذي تأسس في الستينيات بمبادرة من شخصيات كنسية بارزة، جمع على مدار تاريخه أكثر من 35 ألف وثيقة وكتاب، وكان يُعد منصة مفتوحة للنقاش والتكوين والعيش المشترك. لكنه لم يتمكن في السنوات الأخيرة من الصمود أمام عزوف متزايد عن القراءة، وتغيّر سلوكيات الجمهور الثقافي، حيث لم تعد الاشتراكات كافية لتغطية التكاليف التشغيلية.

ورغم محاولات الإنقاذ المتكررة، خاصة من قبل الجمعية الأسقفية في الجزائر، إلا أن انسحاب شريك رئيسي زاد من تعقيد الوضع، مما اضطر القائمين على المركز لاتخاذ قرار التوقف النهائي عن النشاط.

ويرى متابعون أن إغلاق CDES في مدينة مثل وهران، التي لطالما عُرفت بحيويتها الثقافية والجامعية، يعكس أزمة أعمق في علاقة المجتمع بالكتاب، وسط غياب دعم مؤسساتي حقيقي للثقافة وافتقار السياسات العمومية لاستراتيجيات تشجع على القراءة.

وبرحيل CDES، تطوي وهران صفحة من تاريخها الثقافي، فيما تبقى الأسئلة مفتوحة حول مصير باقي المؤسسات التي تواجه المصير نفسه في صمت.

حاج إبراهيم