top of page

عندما تُصنَّف المطالبة بالعدالة تدخلاً أجنبيًّا: موقف لويزة حنون من "الأمنيستي" وملف المفقودين يثير الجدل

  • cfda47
  • 30 أبريل
  • 2 دقائق قراءة

تاريخ التحديث: 1 مايو


في حوار مع موقع جريدة “الخبر”، عبّرت الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون، عن موقف حاد تجاه منظمة العفو الدولية، عقب زيارة ممثلتها إلى الجزائر لمتابعة ملف المختفين قسرياً خلال “العشرية السوداء”. تصريحات حنون طرحت تساؤلات جدّية حول الفهم السائد لأدوار المنظمات الحقوقية الدولية، وحدود السيادة الوطنية في ملفات مرتبطة بحقوق الإنسان.


خلال اللقاء، كشفت لويزة حنون أنها سألت ممثلة المنظمة إن كانت تنوي التحقيق في ملف المختفين، فأجابت الأخيرة بالإيجاب. حينها تساءلت حنون إن كانت تثق في أجهزة الأمن الجزائرية، فكان الجواب بالنفي. لترد حنون بنبرة تهكمية: “وهل تملكون وسائل حماية كقوات مكافحة الشغب أو الجيش الأمريكي؟”، مضيفة: “أين ستحققون؟ في الثكنات؟ في بيوت المسؤولين؟”، قبل أن تختم بعبارة قاطعة: “انسوا نهائياً هذه الفكرة”.


بالنسبة للسيدة لويزة حنون، فإن "ملف المختفين قسرا هو جزء من “المأساة الوطنية” التي ينبغي التعامل معها من داخل المؤسسات الجزائرية، وبإرادة سياسية محلية".


ولكن، السيدة حنون نسيت ان تذكر أنّ نفسها الارادة السياسية المنعدمة هي من جعلت عائلات المختفين قسرا تطالب لغاية اليوم بالحقيقة والعدالة، خاصة بعدما تمّ "فرض" قانون السلم و المصالحة الوطنية دون استشارة ضحايا العشرية السوداء من عائلات المختفين قسرا و ضحايا الإرهاب الإسلامي.


حيث اشارت الأمينة العامة لحزب العمّال خلال اللقاء، إلى أنها، خلال وجودها في البرلمان، "طرحت هذا الملف مراراً"، دون جدوى طبعًا.


كما لمّحت إلى أن "رفضها لتدويل القضية أثار حفيظة بعض المحامين"، معتبرة أن "التدويل قد يكون اعترافاً ضمنياً بوفاة بعض المختفين"، وهو ما ترفضه حفاظاً على مشاعر العائلات.


لكن من منظور حقوقي، تبرز إشكالية حقيقية في توصيف الدور الذي تلعبه المنظمات الدولية، وفي مقدمتها منظمة العفو الدولية. هذه الهيئات، ومنذ تأسيسها، تعمل على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان والدفاع عن ضحاياها، سواء في الجزائر أو فلسطين أو أمريكا اللاتينية. ليس لديها أدوات أمنية ولا صلاحيات سياسية، بل تعتمد على التقارير، الشهادات، والمناصرة الدولية.


ومن المفارقات اللافتة، أن لويزة حنون نفسها كانت موضوع تضامن واسع من منظمات حقوقية دولية، عندما اعتُقلت في 2019 بتهمة “التآمر على سلطة الدولة والجيش”، وهي تهم وُصفت من قبل منظمات عديدة بأنها سياسية وغير قائمة على أساس قانوني سليم. حينها، لم تُعتبر تلك البيانات الحقوقية “تدخلاً أجنبياً”، بل دعماً مبدئياً لحقها في محاكمة عادلة وحريتها السياسية.


إن الخلط بين العمل الحقوقي والمساس بالسيادة الوطنية، هو خلط مضلل. فالدفاع عن الحقيقة، والمطالبة بكشف مصير المفقودين قسراً ، لا يُعد خيانة ولا تهديداً، بل هو أبسط تعبير عن الحق في الحصول على الحقيقة للضحايا وذويهم. أما اعتبار التحقيق الدولي في هذه القضايا “وصمة” أو “خطر”، فهو عائق أمام العدالة وليس دفاعاً عنها.


إن منظمة العفو الدولية، وغيرها من الهيئات الحقوقية المستقلة، لا تسعى إلى إدانة دول بعينها، بل إلى ضمان أن تبقى قضايا العدالة والمساءلة حية في ضمير العالم، وألا تُطوى تحت ذرائع “الخصوصية” أو “السيادة”.


المسؤولية اليوم تقتضي فهماً أعمق وأدق لدور هذه المنظمات، بعيداً عن الشعبوية أو الخطاب التهويلي. فالعمل الحقوقي ليس سلاحاً، بل مرآة تعكس حقيقة الواقع، حتى وإن كانت مؤلمة.


وكثيرا ما استُخدمت عمليات الاختفاء القسري كاستراتيجية لبث الرعب في المجتمع. لأنّ الشعور بعدم الأمان الناتج عن هذه الممارسة غير الإنسانية، لا يقتصر على أقارب الشخص المفقود، بل يؤثر أيضاً على المجتمع ككل.


وفي النهاية، فإن معالجة ملفات حسّاسة مثل ملف المختفين قسرياً، لا يمكن أن تتم من خلال الإنكار أو التجاهل، بل من خلال الشفافية، العدالة، والإرادة السياسية الصادقة.



حكيم ش

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page