top of page

في اليوم العالمي ضد التعذيب : أصوات جزائرية تُدين التعذيب بلا خوف

  • cfda47
  • 27 يونيو
  • 4 دقيقة قراءة

رغم مرور عقود على الاستقلال، لا تزال الجزائر تواجه اتهامات متكررة بممارسة التعذيب، سواء في سياق سياسي أو أمني. وبينما تنص القوانين المحلية والدولية على تجريم هذه الممارسات، فإن الواقع يكشف عن فجوة مقلقة بين النصوص والتطبيق.


رغم التزامات الجزائر الدولية، لا تزال ممارسات التعذيب تمثل تحديًا خطيرًا لحقوق الإنسان في البلاد. وتبقى دعوات المنظمات الحقوقية المحلية والدولية مستمرة من أجل وضع حد للإفلات من العقاب، وضمان العدالة والكرامة للضحايا.


خلفية تاريخية: إرث الاستعمار


التعذيب ليس من الماضي... الجزائر تكتب شهاداتها اليوم. فخلال الثورة الجزائرية (1954–1962)، استخدمت القوات الفرنسية التعذيب كأداة ممنهجة لقمع المقاومة، بما في ذلك الصعق بالكهرباء، الإيهام بالغرق، والضرب الوحشي. وثّقت تقارير فرنسية وشهادات ضباط سابقين هذه الانتهاكات، مما جعل ملف التعذيب أحد أكثر الملفات حساسية في العلاقات الجزائرية الفرنسية حتى اليوم.


الوضع الراهن: استمرار الانتهاكات


في السنوات الأخيرة، أبلغ معتقلون سياسيون ونشطاء عن تعرضهم للتعذيب أثناء الاحتجاز، خاصة في قضايا تتعلق بحرية التعبير والانتماء السياسي.


في نوفمبر 2022، أصدرت محكمة جزائرية أحكامًا بالإعدام على 54 شخصًا في محاكمة جماعية شابتها مزاعم بالتعذيب وسوء المعاملة، وفقًا لمنظمة العفو الدولية. من بين الانتهاكات المبلغ عنها: الصعق بالكهرباء، التهديد بالاغتصاب، والحرمان من النوم.


منظمة العفو الدولية وصفت المحاكمات الجماعية بأنها "انتهاك صارخ للعدالة"، وطالبت بإعادة المحاكمة والتحقيق في مزاعم التعذيب. هيومن رايتس ووتش دعت الجزائر إلى تعديل قوانينها لتجريم التعذيب بشكل صريح، وضمان استقلالية القضاء.


محامون وناشطون محليون أكدوا أن الضغط الدولي وحده لا يكفي، بل يجب تمكين المجتمع المدني والإعلام من فضح هذه الممارسات دون خوف.


الإطار القانوني: غياب التجريم الصريح


لا يحتوي القانون الجزائري على تعريف دقيق لجريمة التعذيب، مما يفتح الباب أمام التفسيرات الفضفاضة ويصعّب ملاحقة الجناة.


رغم توقيع الجزائر على اتفاقية مناهضة التعذيب، فإن غياب الإرادة السياسية و"ثقافة الإفلات من العقاب" يعيقان تنفيذ الالتزامات الدولية.


الجزائر في مواجهة ذاتها: صرخة ضحايا التعذيب في يومهم العالمي


العديد من المعتقلين السابقين يفضلون عدم الكشف عن هوياتهم خوفًا من الملاحقة. منظمات مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش وثّقت شهادات مماثلة، وأكدت أن التعذيب لا يزال يُستخدم كأداة للترهيب السياسي في بعض الحالات.


لكن هناك أمثلة بارزة لجزائريين صرّحوا بتعرضهم للتعذيب، سواء خلال فترات سابقة أو في السنوات الأخيرة، وقد أثارت شهاداتهم اهتمامًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والإعلامية:


محاكمات جماعية في منطقة القبائل (2021): أصدرت محكمة جزائرية أحكامًا بالإعدام على 54 شخصًا، وسط مزاعم بتعرضهم للتعذيب أثناء التحقيق، وفقًا لمنظمة العفو الدولية.


ضحايا في مخيمات تندوف: مثل الناشط مربيه أحمد محمود، الذي تحدث عن تعرضه لتعذيب شديد في سجن "الرشيد"، واعتبر أن السلطات الجزائرية مسؤولة مباشرة عن هذه الانتهاكات.


تُعَدُّ قضية الطّالب وليد نقيش من أبرز القضايا التي فجّرت الجدل في الجزائر حول التعذيب والمعاملة المهينة أثناء الاحتجاز، خاصة في سياق الحراك الشعبي.


اعتُقل في 26 نوفمبر 2019 خلال مشاركته في مظاهرة طلابية. وُجِّهت له تهم تتعلق بـ"المساس بالمصلحة الوطنية" و"المشاركة في مؤامرة ضد الدولة".


خلال محاكمته في فبراير 2021، صرّح الطالب نقيش أمام القاضية أنه تعرض للتعذيب والاعتداء الجنسي أثناء التحقيق معه من طرف عناصر الأمن الداخلي.


قال إن الاعترافات المنسوبة إليه في محاضر الشرطة جاءت تحت الضغط والتعذيب. المحكمة برّأته من التهم الثقيلة، وأُفرج عنه بعد أن قضى 14 شهرًا في الحبس المؤقت.


تصريحاته أثارت غضبًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والسياسية، وطالبت منظمات بفتح تحقيق مستقل.


النيابة العامة أمرت بفتح تحقيق ابتدائي في مزاعم التعذيب. لاحقًا، قرر قاضي التحقيق انتفاء وجه الدعوى، أي غلق الملف لعدم كفاية الأدلة، مما أثار اعتراض هيئة الدفاع التي اعتبرت أن التحقيق لم يكن جادًا ولم يشمل مواجهة المتهمين.


قضية نقيش سلطت الضوء على ممارسات التعذيب في مراكز الاحتجاز، وعلى الحاجة إلى إصلاحات قانونية وقضائية لضمان المحاسبة. كما كشفت عن هشاشة الضمانات القانونية للموقوفين، خاصة في القضايا ذات الطابع السياسي.


كمال الدين فخار:

طبيب وناشط حقوقي من ولاية غرداية، وعضو سابق في جبهة القوى الاشتراكية. اعتُقل عدة مرات بسبب مواقفه السياسية ودفاعه عن حقوق الأقلية الميزابية.


في أبريل 2019، أُودع الحبس الاحتياطي دون محاكمة، وبدأ إضرابًا عن الطعام استمر 54 يومًا احتجاجًا على اعتقاله التعسفي. توفي يوم 28 مايو 2019 في مستشفى البليدة، بعد تدهور حالته الصحية نتيجة الإضراب وسوء الرعاية الطبية.


منظمات حقوقية مثل العفو الدولية وصفت وفاته بأنها "وصمة عار"، وطالبت بتحقيق مستقل ومحاسبة المسؤولين. فيما صرّح محاميه أن فخار أخبره قبل وفاته أن "موته مبرمج"، مما زاد من الشكوك حول الإهمال المتعمّد.


محمد تاجاديت:

أحد أبرز نشطاء الحراك الشعبي في الجزائر و أصبح رمزًا للمطالبة بإطلاق سراح معتقلي الرأي، ولاقى تضامنًا واسعًا من منظمات حقوق الإنسان. اعتُقل عدة مرات، وصرّح في أكثر من مناسبة بتعرضه للتعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز. في إحدى شهاداته، تحدث عن الضرب المبرح، التهديد، والحرمان من النوم خلال التحقيقات.


كريم طابو:

سياسي معارض وناشط بارز، وُجهت له تهم تتعلق بـ"المساس بالوحدة الوطنية". خلال فترة اعتقاله، أبلغ محاموه عن تعرضه لـ"معاملة مهينة" و"ضغوط نفسية شديدة". رغم الإفراج المؤقت عنه، لا تزال قضيته تُستخدم كمثال على توظيف القضاء لقمع الأصوات المعارضة.


لويزة حنون:

زعيمة حزب العمال، وواحدة من أبرز النساء في الساحة السياسية الجزائرية. اعتُقلت في 2019 ضمن قضية "التآمر على سلطة الدولة"، وصرّحت لاحقًا بتعرضها لـ"عزلة قسرية" و"ظروف احتجاز غير إنسانية". أثارت قضيتها جدلًا واسعًا، خاصة بعد تدخل منظمات دولية للمطالبة بالإفراج عنها.


ردود فعل المنظمات الحقوقية : حين تصمت القوانين


انتقدت منظمة العفو الدولية بشدة استخدام تهم الإرهاب لقمع المعارضة السلمية، وأشارت إلى تقاعس السلطات عن التحقيق في مزاعم التعذيب وسوء المعاملة. كما أنّ تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية دعا إلى كسر حاجز الصمت، وفضح الممارسات الوحشية التي يتعرض لها المدنيون في تندوف، مطالبًا بمحاسبة المسؤولين أمام القضاء الدولي.


في السياق التاريخي، طالبت أكثر من 20 منظمة حقوقية الدولة الفرنسية بالاعتراف بمسؤوليتها عن التعذيب خلال الثورة الجزائرية، معتبرة أن هذا الاعتراف ضروري لتحقيق المصالحة والعدالة التاريخية.


كرامة خلف القضبان : نداء للعدالة في الجزائر


ظاهرة التعذيب في الجزائر ليست مجرد انتهاك لحقوق الإنسان، بل تهديد مباشر لثقة المواطن في مؤسسات الدولة. وبينما يطالب الضحايا بالعدالة، يبقى الأمل معقودًا على إصلاحات قانونية جادة، ومحاسبة شفافة، وإرادة سياسية تضع كرامة الإنسان فوق كل اعتبار.


التحرير

Komentáře

Hodnoceno 0 z 5 hvězdiček.
Zatím žádné hodnocení

Přidejte hodnocení
bottom of page