تاريخ ال29 جوان هو ذكرى اغتيال محمد بوضياف أحد الوجوه التاريخية للثورة الجزائرية ضدَّ الاستعمار الفرنسي، وأحد مؤسسي جبهة التحرير الوطني الملقّب ب "السّي الطيّب الوطني.
اختلف مع الرئيس السابق أحمد بن بلة غداة الاستقلال، فسُجن ثم حكم عليه بالإعدام لنشاطه السياسي فاختار مغادرة البلاد واستقرَ في المغرب نحو ثلاثة عقود، ثم عاد ليتولى رئاسة البلاد في ظروف أزمة العشرية السوداء.
التحق محمد بوضياف بالحركة الوطنية الجزائرية غداة الحرب العالمية الثانية، فانخرطَ أولا في حزب الشعب الجزائري بزعامة مصالي الحاج، وشارك عام 1947 في تأسيس المنظمة الخاصة، وهي الجناح العسكري للمنظمة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية.
كشفت الشرطة الفرنسية الجناح السري فحلته وحاكمت قادته بمن فيهم محمد بوضياف الذي كان قد سافر إلى فرنسا أين كان يناضل في صفوف الجالية الجزائرية هناك.
وفي مارس 1954، عاد محمد بوضياف إلى الجزائر وباشر مع مناضلين آخرين -سيُصبحون القادة التاريخيين لجبهة التحرير الوطني- العمل من أجل إشعال ثورة مسلحة باتوا مقتنعين بأنها السبيل الوحيد إلى تحرير الجزائر مع تصلب الموقف الفرنسي.
واصل جهوده في إطار مجموعة الـــ22 التي انتُخب منسقا لها، وسهر مع أعضائها على الإعداد لثورة التحرير التي اشتعلت شرارتها الأولى فجر الفاتح من نوفمبر 1954.
انتُخب عضوا في المجلس الثوري للثورة الجزائرية خلال أشغال مؤتمر الصومام في صيف 1956، وفي أكتوبر من نفس العام أوقف -ومعه أحمد بن بلة، محمد خضير، حسين آيت أحمد و مصطفى الأشرف- بعد اعتراض الجيش الفرنسي طائرتهم خلال رحلة بين الرباط و القاهرة عبر تونس.
بعث هواري بومدين مبعوثه الخاص عبدالعزيز بوتفليقة الى فرنسا لعرض رئاسة الجزائر على محمد بوضياف الذي كان حينها بالسجن فرفض رفضا قاطعا و استغل أحمد بن بلة الفرصة لقبول العرض بعدما استشار عبدالعزيز بوتفليقة زعيمه هواري بومدين !
كان هدف هواري بومدين هو استغلال شعبية محمد بوضياف المحبوب من طرف كل الجزائريين حينها لقيادة جزائر ما بعد الاستقلال باسم الشرعية الثورية التي قضت على أحلام الجزائريين المقاومين للاحتلال الفرنسي.
واصل محمد بوضياف نضاله من داخل السجن إلى أن أفرج عنه في إطار ترتيبات حسن النية المرتبطة ب مفاوضات إيفيان التي أفضت إلى استقلال الجزائر و بفضلها تمّ الامضاء على شهادة ميلاد جزائر حرة مستقلة.
في عام 1963، اعتقل محمد بوضياف وسُجن أسابيع دون علم ذويه، وبعد أن نجح في تسريب رسالة إلى وسائل الإعلام الدولية روى فيها معاناته داخل السجن اقترح عليه النظام الجزائري اللجوء إلى سويسرا لكنه رفض وأفرج عنه خريف ذلك العام، لكن سرعان ما أُدين في قضية أخرى تستهدف زعزعة النظام وحُكم عليه بالإعدام.
خرج من الجزائر إلى أوروبا قبل أن يستقر في المغرب حيث استمر في نشاطه السياسي إلى حين وفاة الرئيس السابق هواري بومدين أواخر 1978، فأعلن حلّ حزبه والتفرغ للنشاط التجاري حيث كان يُدير مقاولة بمدينة القنيطرة بضواحي العاصمة الرباط.
وخلال إقامته في المنفى، أصدر محمد بوضياف كتابا بعنوان « إلى أين تضمي الجزائر ؟»، أوضح فيه رؤيته السياسية لبناء الجزائر ومركزية التعددية السياسية في البناء الوطني.
في مطلع 1992 بعد أزمة سياسية فجّرها إلغاءُ الجيش نتائج أول انتخابات تشريعية تعددية بعد فوز كاسح للجبهة الإسلامية للإنقاذ دخلت بعدها الجزائر جراء ذلك فيما عُرف بـالعشرية السوداء.
خلف محمد بوضياف الرئيسَ الشاذلي بن جديد وأدى اليمين في 16 جانفي 1992، وشنَّ خلال فترة رئاسته القصيرة هجوما إعلاميا شديدا على الفساد،الذي تغلغل في كل مؤسسات الدولة وتعهد بجعل القضاء عليه أهم ركائز برنامجه السياسي.
عقب قضائه 166 يوما فقط في الحكم، اغتيل محمد بوضياف على المباشر بنيران ملازم في قوات التدخل السريع بالجيش الوطني الشعبي مبارك بومعرافي خلال اجتماع عام بمدينة عنابة يوم 29 جوان 1992.
بعد عشرين يوما من إغتيال الرئيس محمد بوضياف عينت لجنة تحقيق كانت نتائجها:
•أن العملية كانت مؤامرة ولدعم هذه الفرضية قام الأعضاء الستة التابعين للّجنة بالتصريح أنه ليس لبومعرافي « شخصية انتحارية تلقائية » واستخلصت أساساً أن الإهمال الجنائي لأجهزة الأمن سهل بشكل كبير مهمة القاتل.
من جانبه ذكر عميد المحامين علي يحيى عبدالنور أنّ مبارك بومعرافي طلب منه أن يتأسس في دفاعه و حين سأله ما سبب اختياره لشخصه رد عليه مبارك بومعرافي: « لانك دافعت عن معتقلي محتشدات الصحراء».
رفض المحامي علي يحيى عبدالنور التأسيس في قضية مبارك بومعرافي إحتراما لتاريخ رفيقه في النضال الرئيس المغدور محمد بوضياف.
و حسب الرواية الرسمية :
•في سنة 2002 نشب حريق في قاعة من قاعات سجن سركاجي أودى بحياة 18 شخصا من بينهم قاتل محمد بوضياف مبارك بومعرافي وجرح 7 أشخاص.
لكن حسب مصادر أخرى، مبارك بومعرافي لايزال على قيد الحياة، منها من تقول انه يقبع في سجن سري و منها من تقول أنه تمّ تهريبه إلى الخارج تحت هوية مستعارة.
وفي غياب دولة العدل و القانون لا نعلم ما الصحيح و ما هو المفبرك .
التحرير