
اعتقلت الشرطة الجزائرية الكاتب الصحفي سعد بوعقبة، للتحقيق معه على خلفية مقاله الأخير المثير للجدل و الذّي اعتذر عنه.
وفق مصادر من هيئة الدفاع، فإن سعد بوعقبة يوجد في الحجز تحت النظر بمركز للشرطة في العاصمة الجزائرية، في انتظار تقديمه أمام وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق الوحيد المخول إما بوضعه رهن الحبس المؤقت أو الإفراج عنه.
الكاتب الصحفي سعد بوعقبة المعروف بأسلوبه الساخر واللاذع، كتب على موقع “المدار تي في” عمودا يتحدث فيه بتهكم عن وجود أسباب خفية، في نظره، لاختيار أماكن إقامة المشاريع الاقتصادية، وبدأ بولاية الجلفة المعروفة بطابعها الرعوي، والتي سيقام فيها مشروع بالتعاون مع قطر لتربية الأبقار.
وقال سعد بوعقبة في عبارة صدمت البعض “إذا اختار الرّئيس تبون فعلا ولاية الجلفة، وبلدية البرين على وجه الخصوص، لتربية أبقار المشروع القطري، فقد أصاب هذه المرّة عين الحقيقة! فالأمر يُعد ترقية لمنطقة الجلفة، من مستوى الخرفان، إلى حجم الأبقار!”.
وتابع: “حتّى سياسيا.. فسُكّان هذه الولاية، كانوا دائما خِرفانًا، وترقيتهُم إلى (أبقار سياسية)، يُعدّ تطورا لافتا!”.
وواصل يقول: “تتذكرون أنّ ولاية الجلفة، هي التّي تنطلق منها دائما التّصحيحيات في الأحزاب لصالح السُّلطة، وهي التّي تنطلق منها المسيرات العفوية المُؤيدة للسّلطة! وهي التّي تتبارز مع ولايات أخرى، في نسبة المُشاركة في الانتخابات بالتّزوير!”. لذلك فلا غرابة، حسب مقال بوعقبة، إذا انتقلت سياسيا من عاصمة “الخرفان السّياسية”، إلى عاصمة الأبقار، وستبقى علاقة هذه الولاية مع السّلطة الحاكمة “صافية حليب”، بعد تحويلها إلى عاصمة الأبقار الحلوب.
ورغم أن الكاتب واصل متهكما على الدوافع السياسية للسلطة من وراء اختيار مشاريع اقتصادية بعينها في كل منطقة من البلاد، إلا أن العبارات التي استعملها بخصوص الجلفة وهي ولاية تمتاز بطابعها الرعوي الفلاحي، اعتبرت غير لائقة ومسيئة، وأثارت عاصفة من الاحتجاج والاستنكار، أدت بعدد من الجمعيات في ولاية الجلفة، لتقديم شكوى لمدير الأمن الوطني، حول ما كتبه بوعقبة، معتبرة أن الأمر يندرج في سياق خطاب الكراهية.
ونظرا لحجم الكاتب، فقد كان مقاله أيضا مادة للجدل السياسي.
وذكر حسان فرلي مسؤول الإعلام السابق في جبهة القوى الاشتراكية، منتقدا المقال بقوله: “لا يقتصر الأمر على عدم احتكار الجلفة “لولائها” للنظام، وهذا يعرفه سعد بوعقبة جيدًا، نظرًا لسنه ومساره، ولكن لجعل خصائص الجلفة كمنطقة رعوية، وبالتالي من “الرعاة”، فإن الإهانة هي سمة من سمات هذا الجهل الذي يسمح لنفسه لإعطاء الدروس السياسية”.
وقال سليم صالحي وهو صاحب الموقع الذي يكتب فيه الكاتب الصحفي سعد بوعقبة، إن "الكثيرين ممن هاجموا بوعقبة في الساحة السياسية والإعلامية، لا يحق لهم ذلك، بعد أن ظلوا يقرعون طبول الفتنة خلال الحراك الشعبي ويخونون المتظاهرين، وهم اليوم يبحثون ركوب الموجة فقط".
وفي رده على الضجة العارمة التي أحدثها، سارع الكاتب الصحفي سعد بوعقبة لتوضيح موقفه في عمود آخر.
وكتب يقول “لقد أثار مقالي السّابق المُعنون (بعيدا عن السّياسة)، موجة عارمة من سُوء الفهم، من قبل مُحترفي اصطياد سُوء الفهم والمُتاجرة بهِ، فاتّهمني هؤلاء بتعمّد الإساءة لمنطقة أولاد نايل الشّهمة، بالرّغم أنّني داعبتُ بتهكّم واضح، العديد من الولايات، بما فيها الجلفة! وقد تهكمتُ على ظواهر عايشتها، ولم أتهكّم على السّكان في الولايات!”.
وأضاف بوعقبة “واجبي التّوضيح للذّين يحتاجون التّوضيح، أنّني سعيد لبقاء منطقة الجلفة حسّاسة لما أكتب، فقد كانت هذه المنطقة من بين أكثر المناطق مُتابعة لمقالاتي الصّادرة في الشروق الأسبوعي، (صيحة السردوك)، سنوات الجمر، حيث كانت الصّحيفة تُوزّع في هذه الولاية وحدها قرابة مائة ألف نسخة! لهذا أتفهّم حجم حساسية الجلفة لما أكتبه، وأُطمئن هؤلاء الأحرار أنّني لم أقصد الإساءة، وما هو إلا سُوء فهم غير مُؤسّس!”.
وتجدر الإشارة إلى أن خطاب الكراهية قد اتخذ أبعادًا خطيرة داخل المجتمع المدني في الجزائر ، لا سيما تجاه منطقة القبايل. والعديد من الصحفيين والمؤثرين والسياسيين الذين يقننون اليوم مقال سعد بوعقبة، معروفون بإيديولوجيتهم العنصرية ويعرضونها على الملأ دون تحرك سلطات البلاد.