يبدو أن الجزائر ستكون من جديد محورا للتنافس الروسي الأمريكي الذي يحاول استقطابها أو على الأقل إبقاءها في مركز محايد بعيدا عن الصراع، وهو الموقف الذي تتبناه الجزائر حاليا. ذلك ما يشير إليه التخاطب الدبلوماسي عن بُعد بين موسكو وواشنطن، يوم الإعلان عن زيارة الرئيس تبون لروسيا في شهر مايو المقبل.
تحدث وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، لأول مرة عن رأيه في الدعوات المنطلقة من الكونغرس الأمريكي لمعاقبة الجزائر، معتبرا بشكل ساخر أنها “غير مجدية”، يقابلها في ذلك تصريحات لمسؤولين أمريكيين تشيد بالجزائر وتعتبرها قوة إقليمية وتتحدث عن تعزيز التعاون الأمريكي معها.
وفي مقابلة مع قناة روسيا اليوم، قال لافروف، حول التهديدات الأمريكية بمعاقبة الجزائر لرفضها دعم العقوبات ضدّ روسيا: “لقد سمعت أن مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ، قرابة 27 منهم، قد وجهوا رسالة خاصة إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يعربون فيها عن انزعاجهم بشأن عدم انضمام الجزائر إلى العقوبات ضد روسيا، واقترحوا في الرسالة بهذا الصدد أن تتم معاقبة الجزائر تحت قانون كاتسا الذي يعني مواجهة خصوم الولايات المتحدة عن طريق العقوبات”.
وأضاف ردا حول ما إذا كانت ضغوط الغرب ستؤثر على سياسة السلطات الجزائرية نحو روسيا، قائلا: “لدينا مقولة شعبية مفادها: هاجمتم الشخص الخطأ. الجزائريون ليسوا ذلك الشعب الذي يمكن أن يملي عليه أحد ما يفعله بهذا الشكل، ولا يمكن أن ننتظر من الجزائريين أن يمتثلوا وينفذوا بإشارة يد من وراء المحيط توجيهات تتناقض بشكل مباشر مع مصالحهم الوطنية. الجزائر، مثل غالبية البلدان، دولة تحترم نفسها وتاريخها ومصالحها التي على أساسها ترسم سياساتها”.
واعتبر المسؤول الروسي أن “الجزائر لن تنفذ التعليمات التي تتعارض بشكل مباشر مع مصالحها الوطنية”، لأنها “بلد يحترم نفسه ويحترم تاريخه ومصالحه، وعلى هذا الأساس، تبني سياستها، ولا تعتمد على اتفاقات في الكواليس باستخدام سياسة التشجيع والعقاب، لكنها (الولايات المتحدة) في الحقيقة تحاول فقط التعدي على المصالح المشروعة لشركائها”.
وبعد هذا الكلام الذي يطعن بقوة في النوايا الأمريكية اتجاه الجزائر، سارعت الولايات المتحدة لتفنيده بشكل غير مباشر.
فقد أعلنت الخارجية الجزائرية، أن الوزير رمطان لعمامرة، أجرى محادثة هاتفية مع نائبة كاتب الدولة الأمريكي، ويندي شيرمان، “بمبادرة من هذه الأخيرة”. وقد سمحت هذه المكالمة، وفق بيان الخارجية، بتبادل وجهات النظر حول العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك على الصعيدين الإقليمي والدولي، بما في ذلك على وجه الخصوص الوضع في مالي ومنطقة الساحل والصحراء، التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب، قضية الصحراء الغربية وفلسطين، إلى جانب الأزمة الحالية في العلاقات الدولية على خلفية الحرب في أوكرانيا.
وبهذه المناسبة، أضافت الخارجية الجزائرية،" ثمّن المسؤولان الآفاق الواعدة للعلاقات الجزائرية- الأمريكية واتفقا على تعميق الحوار الاستراتيجي على كافة المستويات بين البلدين بمناسبة الاستحقاقات الثنائية المقبلة".
Comments