أنهت القمة الفرنكوفونية بجزيرة جربة التونسية أشغالها، مساء أمس الأحد، بنجاح تنظيمي لا شك فيه، وبمخرجات سياسية محدودة، على الرغم من الملفات الساخنة التي يشهدها الفضاء الفرنكوفوني في العالم، بينما توجه أغلب التركيز على ملفات تربوية وتعليمية واقتصادية.
وشاركت في القمة ، 89 دولة، منها 31 رئيس دولة وحكومة و5 نواب (رؤساء وزراء) وعدد كبير من وزراء الخارجية والوزراء المكلفين بالفرنكوفونية إضافة لسفراء وممثلين عن منظمات دولية وإقليمية.
وأشادت الأمينة العامة لويز موشيكيوابو بالنجاح التنظيمي للقمة، وهي التي تم انتخابها مرة أخرى للمنصب نفسه، بينما تنتظم القمة المقبلة في عام 2024 في فرنسا.
وعبّر الرئيس التونسي قيس سعيّد أيضاً عن فخره بتنظيم القمة على الرغم من كل الصعوبات، ومن محاولة البعض تغيير مكان تنظيمها من تونس إلى بلد آخر، وهو ما فهم أنه رسالة غير مباشرة للجانب الكندي، الذي أبدى تحفظات على انعقاد القمة في تونس منذ سنة.
وقال ماكرون إن "فرنسا، كما الاتحاد الأوروبي، تحافظ على الموقف نفسه الداعم على طريق الحريات وحقوق الإنسان، ولا مجال للانحراف عن ذلك لأي سبب"، وأوضح أن "الدعم الذي قدمته فرنسا لتونس بمناسبة هذه القمة، والمقدّر بـ200 مليون يورو، ليس شيكاً على بياض بخصوص الحريات الأساسية والمبادئ الديمقراطية".
القمة انطلقت تحت شعار "التواصل في إطار التنوع: التكنولوجيا الرقمية كرافد للتنمية والتضامن في الفضاء الفرنكوفوني".
الجزائر التي عاشت 132 سنة من الاستعمار الفرنسي، توجهت أخيراً إلى اللغة الإنكليزية للتخلص تدريجيا من هيمنة اللغة الفرنسية:
توجه جديد للجزائر في عهد الرئيس عبد المجيد تبون، بقطع أي صلة للبلاد بمنظمة الفرنكفونية، يتجلى من خلال عدم مشاركة الجزائر في قمة الفرنكفونية، التي عقدت في جزيرة جربة التونسية، في 19 و20 نوفمبر الجاري، ولو بتمثيل متواضع، بعدما دأبت في عهد بوتفليقة (1999-2019)، على المشاركة بوصفها ضيفا خاصا، أو عضوا مراقبا منذ 2002.
وكان بوتفليقة، في 2002، متحمسا لضم الجزائر إلى منظمة الدول الفرنكفونية، وقال حينها إن بلاده تتجه “بهدوء ولكن بالتأكيد” للانضمام إلى هذه المنظمة.
وقمة جربة، هي الأولى لمنظمة الدول الفرنكفونية في عهد الرئيس تبون (منذ نهاية 2019)، حيث كانت مقررة في 2020، لتؤجل مرتين بسبب وباء كورونا، حيث تعقد كل سنتين. وبرغم مشاركة الرئيس التونسي قيس سعيد في القمة العربية وقبلها في استعراض عسكري بالجزائر، فإن ذلك لم يكن كافيا لمشاركة الرئيس تبون في قمة الفرنكفونية بتونس، ولو من باب المجاملة، ما يؤكد وجود موقف رسمي حاسم من هذه المنظمة الدولية التي تقودها فرنسا.
وكان غياب تبون عن قمة الفرنكفونية متوقعا، رغم أن البرلمان الفرنسي يصنف الجزائر ثالث دولة من حيث عدد الناطقين باللغة الفرنسية، بنحو ثلث السكان. وهو ما يفسر إصرار فرنسا على ضم الجزائر لمنظمة الدول الفرنكفونية.
وأحد مؤشرات غياب تبون عن قمة تونس، أن البيان الختام للقمة العربية بالجزائر التي عقدت في الأول والثاني من نوفمبر الجاري، لم يتضمن أي دعم لتونس لاحتضانها قمة الفرنكفونية، على عكس دعمها لقمم وتظاهرات دولية في عدد من الدول العربية وهي: مصر وقطر والمغرب والإمارات والسعودية. ما يرجح أن يكون للجزائر وعدد من الدول العربية دور في عدم دعم القمة العربية لتنظيم تونس للقمة الفرنكفونية.
تغير المناخ الدبلوماسي بين 2002 و2022، تغير الكثير في الجزائر، ما يفسر حرص بوتفليقة على المشاركة في قمة الفرانكفونية، ولا مبالاة تبون، وتفضيل الذهاب إلى قطر للمشاركة في افتتاح المونديال بدل التوجه إلى جربة لحضور قمة الفرانكفونية.
أشغال قمة الفرنكفونية بتونس تزامن أيضا مع تقارير صحفية تحدثت عن تجميد الجزائر مفاوضاتها مع فرنسا بشأن زيادة صادراتها من الغاز بنسبة 50 بالمئة. والأمر يتعلق أيضا بتشدد باريس في ملف منح التأشيرات للجزائريين، مقابل ضغوطها على الجزائر لتسلُّم أبنائها المهاجرين غير النظاميين في فرنسا.
فعلى هامش القمة الفرنكفونية في تونس، قال ماكرون إن “قرار فرنسا تخفيض عدد التأشيرات الممنوحة للجزائر والمغرب إلى النصف بدأ يؤتي ثماره”.
بينما ترفض الجزائر ربط ملف التأشيرات بملف المهاجرين غير النظاميين. فضلا عن توتر علاقات المغرب مع تونس في الفترة الأخيرة، وأيضا مع فرنسا، لذلك أحجمت الرباط عن دعم تنظيم تونس لقمة الفرنكفونية، التي غابت عنها هي الأخرى.
ومنذ عام 1986، تجتمع قمة الفرنكوفونية كل عامين على مستوى رؤساء الدول والحكومات الناطقة باللغة الفرنسية والمنضوية في المنظمة.
ويوجد مقر المنظمة في باريس وتضم 88 دولة وتتمثل مهامها الرئيسية في تعزيز اللغة الفرنسية والتنوع الثقافي واللغوي والسلام والديموقراطية وحقوق الإنسان ودعم التعليم.
Comentários