في بيان لها، ندّدت عائلة الصحفي المغربي المعتقل توفيق بوعشرين لما يتعرض له الأخير من "إجراءات عقابية إنتقامية و تعذيب نفسي شديد داخل السجن بعد مطالبته بالرعاية الصحية"، حسبها.
وقال البيان الصادر بالأمس، عن عائلة الصحفي المغربي توفيق بوعشرين " كنا نظن أن إصدار بلاغ ينبّه إلى الحالة الصحية المتدهورة للصحفي توفيق بوعشرين المعتقل تعسفيا، وإلى استعجالية إسعافه مع حفظ كرامته، من شأنه أن يدفع الجهات المعنية إلى إصلاح الوضع وتدارك الأمر، إلى أن طلعت علينا مندوبية السجون ببيانها الذي تقر فيه بأسلوبها المنتهك لحقوق الإنسان بنقل وفحص سجين مسالم وهو مصفّد اليدين مرتديا زي السجناء المهين لكرامة معتقل رأي.
والخطير حقّا أن رد الفعل لم يقف عند هذا البيان المستغرب من مندوبية مستأمنة على إنسان مسلوب الحرية، بل تعدى الأمر ذلك إلى اتخاذ إجراءات انتقامية من توفيق بوعشرين. فقد اتصل بوعشرين، وهو في حالة سيئة جدا، بزوجته يومه الإثنين 15 ماي الجاري، ليؤكد لها أن إدارة السجن اتخذت في حقه جملة من التدابير التعسفية، على رأسها:
- حرمانه من الاتصال هاتفيا يوم الجمعة الماضي.
- إدخاله في عزلة وتشديد الحراسة عليه.
- تقليص مدة استفادته من الفسحة.
- عدم التواصل معه إداريا بشأن هذه العقوبات التي نزلت عليه دون سابق إنذار، وامتناع رئيس المعقل عن التجاوب معه والإجابة عن استفساراته بشأن هذه العقوبات الجديدة ومبرراتها.
وإن الصحفي توفيق بوعشرين ليطلع الرأي العام والمجلس الوطني لحقوق الإنسان وكافة المنظمات والهيئات الحقوقية الرسمية وغير الرسمية، أنّ إدارة السجن تتعمد تعذيبه نفسيا، وتحرمه من حقوقه التي كفلها له الدستور والقانون.
وإننا نحن عائلة الصحفي المعتقل تعسفيا توفيق بوعشرين، المحكوم ظلما ب 15 سنة سجنا نافذا، إذ نعرب عن قلقنا الشديد على وضعه، فإننا نجدّد التأكيد أنه يعاني من آلام شديدة على مستوى كتفه، وأن حاجته إلى عرضه على مصحة خارج السجن واضحة وجدية ومستعجلة، ونشدد على ضرورة احترام حقه الإنساني في ولوج المؤسسة الصحية وعرضه على الطبيب غير مصفد اليدين ولا مهانا بالزي الجنائي (بذلة السجناء). وهو الأمر الذي لا يضر أحدا، ولا ينتقص حقا، ولا يخرق قانونا، ولا يسيء إلى مؤسسة، بل يحفظ كرامة الإنسان ويعلي من حقه الدستوري والإنساني في العلاج.
كما نستنكر وبشدة الإجراءات التعسفية الجديدة التي اتخذت في حق بوعشرين، وندعو إلى رفعها عاجلا، والحفاظ لتوفيق على الحقوق التي يكفلها له القانون."
للتذكير، اعتقل الصحفي المغربي، توفيق بوعشرين بتاريخ 23 فبراير 2018 بعدما اقتحمت فرقة وطنية مكونة من 40 شرطيا مقر صحيفة أخبار اليوم المغربية وألقت القبض عليه؛ ثم تم إحالته على النيابة العامة بتاريخ 27 فبراير من نفس العام، وذلك في قضية شكايات قدمتها صحفيات تتعلق باعتداءات جنسية.
ونُشرت العديد من التقارير حول حيثيات قضية اعتقال الصحفي توفيق بوعشرين والسبب الحقيقي وراءه.
و أكدت العديد منها أن السبب المباشر هو الشكايات التي قُدمت في حقه للنيابة العامة من طرف صحفية كانت تعمل في موقع "اليوم 24" والتي اتهمته باستغلالها جنسيا وقامت صحفية أخرى (لم يُكشف عن هويتها) بتقديم شكاية أيضا لنفس النيابة تتهمه أيضا بأنه استغلها جنسيا.
وخلّف اعتقال الصحفي توفيق بوعشرين موجة من ردود الفعل القوية من داخل المغرب و خارجه، وسلّطت كبرى وسائل الاعلام الدولية حيثيات القضية منذ البداية.
فيما تحرّكت مجموعة من النشطاء و مناضلي حقوق الانسان و صحفيين مغاربة و أجانب الى إطلاق هاشتاق #الصحافة_ليست_جريمة تعبيرا عن تضامنهم المطلق و اللامشروط مع الصحفي توفيق بوعشرين، الذي يعتبره المدافعون عنه "ضحية قلمه اللاّذع"، و انه "يدفع ضريبة شهرته إعلاميا من حيث انتقاء المواضيع التي يعالجها".
وقد تزامن اعتقال الصحفي توفيق بوعشرين مع نشر مقالات له "تجرّأ" خلالها على انتقاد العائلة المالكة بالمغرب و كذا وزير الصيد البحري آنذاك عزيز أخنوش.
وقد استنتج الكثيرون من خلال التحريات ؛ أن التهم الصادرة في حقه كانت كثيرة وبعضها متناقض وهي تتعلق بالاتجار بالبشر من خلال استغلال الحاجة والضعف واستعمال السلطة والنفوذ لغرض الاستغلال الجنسي عن طريق الاعتياد والتهديد بالتشهير، وارتكابه ضد شخصين مجتمعين، وهتك العرض بالعنف والاغتصاب ومحاولة الاغتصاب وجلب واستدراج أشخاص للبغاء، بينهم امرأة حامل، واستعمال وسائل للتصوير والتسجيل.
كما دفعت إحالة الصحفي توفيق بوعشرين للنيابة العامة ثم المحاكمة بعد أقل من ثلاث أيام من الاعتقال، بالعديد من النشطاء وأعضاء هيئة الدفاع إلى التدخل مطالبين بإطلاق سراحه أو على الأقل تمتيعه بكافة حقوقه التي يُخوله لها القانون.
وكان محمد زيان عضو هيئة دفاع توفيق بوعشرين قد صرح متسائلا: « نتكلم عن الاغتصاب ولا توجد شهادة طبية ! نتكلم عن الفساد ولا شكاية بالفساد ! نتكلم عن الاقتصاص ولا شهادة ! وبالتالي فالملف غير جاهز؟ » وأضاف: « النيابة العامة خرقت أبسط حقوق الإنسان وهو الدفاع عن نفسه، وسنقوم باللازم إن لم توقف النيابة العامة الشطط. ».
وكانت محكمة ابتدائية مغربية أصدرت حكما بالسجن 12 عاما وغرامات مالية في حق الصحفي، بتهم الاغتصاب ومحاولة الاغتصاب والتحرش، في نوفمبر2018.
فيما قضت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في المغرب بتاريخ 25 أكتوبر 2019 بسجن الصحفي توفيق بوعشرين، مؤسس صحيفة "أخبار اليوم" المستقلة 15 سنة سجن نافذة.
ولايزال يصرّ المدافعون عن حقوق الانسان بالمغرب على أن محاكمته سياسية وأن الجرائم التي أدين بارتكابها "ملفّقة لمعاقبة الصحفي المنتقد لسياسات الحكومة".
التحرير