متطوعون يدرسون أطفالا مهاجرين على الرصيف. تيزي وزو 2016
الدخول المدرسي 2022/2023 لم يعشه كل الأطفال الموجودين في الجزائر. ومن بين هؤلاء الذين لم يسعفهم الحظ بالإلتحاق بمقاعد الدراسة هذا العام هم أبناء المهاجرين القادمين من الصحراء الكبرى والمتواجدين في التراب الجزائري. تعددت الأسباب لكن النتيجة نفسها، فهؤلاء الأطفال لم يدخلوا للمدارس ."من الضروري الإشارة إلى أن خطر عدم تمدرس هؤلاء الأطفال هو ارتفاع إحساسهم بعدم الأمان والظلم، مما يدفعهم إلى أن يصبحوا أكثر عدوانية وأحيانًا عينفين." تقول زينب عيادي، نائبة رئيس جمعية صوت الطفل ببجاية والتي تقول عن تعليم أطفال المهاجرين القادمين من الصحراء الكبرى بواحدة من "أكبر مشاكل الجزائر" لأننا "نواجه معضلتين: تطبيق المادة 31 من اتفاقية عام 1951 المتعلقة بحماية اللاجئين أو تطبيق عمليات الإعادة كرد على حماية الحدود."
سعيد صالحي، نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان من جهته يرجع هذه الوضعية إلى غياب إطار قانوني "رغم أن الدولة صادقت على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ومنها اتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية حقوق اللاجئين، واتفاقية حقوق العمال المهاجرين وأسرهم، لكن من ناحية التشريع الجزائري لا يزال هناك فراغ كبير يعرقل تطبيق التزامات الجزائر الدولية. فإلى غاية اليوم، وعلى الرغم من المناشدات المستمرة من الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، لا يوجد حتى الآن إطار تشريعي وطني يضمن حق اللجوء في الجزائر، ولا توجد آلية لرعاية ودعم المهاجرين وطالبي اللجوء، باستثناء الإجراءات الأمنية والقمعية، مثل عديد حملات الطرد التعسفية والواسعة النطاق التي تستهدف المهاجرين غير الشرعيين، بمن فيهم طالبو اللجوء منذ 2014".
حول حملات الطرد هذه، زينب عيادي تقول أن الجزائر قدمت ردا عبر بعثتها الدائمة لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف والمنظمات الدولية في سويسرا، رد تحت الرقم 374/20 في تاريخ 20 يناير 2021، للإجابة على الاستبيان الخاص بممارسات الترحيل الفوري وتأثيرها على حقوق الإنسان."احتجت الجزائر بأن القانون الوطني يحمي اللاجئين السياسيين على الحدود الذين تقدموا بطلبات لجوء في أول مركز شرطة حدودي. بالنسبة للبلدان الأخرى غير الحدودية والواقعة في جنوب الصحراء، فإن الاتفاقية لا تنطبق عليها، لهذا يتم ترحيلهم الفوري إلى بلدانهم مع احترام كرامة الإنسان. مع التأكيد، أن الأشخاص المستضعفين مثل القصر غير المصحوبين بذويهم يستفيدون من دعم السلطات. تدافع الجزائر عن نفسها من خلال التذكير بأن أراضيها هي بالفعل مساحات ترحب بالفلسطينيين والسوريين واللاجئين الصحراويين ومنهم 1300 تلميذا متمدرسا. هذا بالإضافة لمنحهم رعاية صحية مجانية."
أطفال ضحايا شبكات التسول
سعيد صالحي يقول أن تمدرس أطفال المهاجرين غير الشرعيين الذي يتحدث عنه الهلال الأحمر من وقت لآخر لا يحظى به سوى "قلة" من المهاجرين واللاجئين الذين يأتون بشكل رئيسي من البلدان العربية مثل سوريا وفلسطين والصحراء الغربية في مخيمات تندوف. أما تمدرس الأطفال القادمين من الصحراء الكبرى "ليس سوى وهم" يقول محدثنا، "بل أسوء من ذلك، فنجد هؤلاء الأطفال تركوا بين أيدي شبكات التسول وجميع أنواع الاتجار الغير شرعي، بالرغم من أن مكانهم هو مقاعد الدراسة في هياكل استقبال تحترم الكرامة وحقوق الإنسان. الحكومة، التي تعهدت رغم ذلك في عام 2018 بإنشاء سجل وطني للمهاجرين واللاجئين وقانون لجوء وطني مع الهياكل والمؤسسات المرخصة، تواصل المماطلة وفوق كل شيء الفرار من احترام التزاماتها فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان" يضيف سعيد صالحي.
إذا كانت الجزائر قد أجابت حول ممارساتها للترحيل الفوري ، زينب عيادي تشير أيضا لقانون حماية الطفل الجزائر "لدينا أيضًا قانون حماية الطفل 15-12 المؤرخ في جويلية 2015، والذي يضمن لجميع الأطفال الوصول إلى التعليم المجاني. ومع ذلك، إذا تم وضع بعض الأطفال في العاصمة (يقدر عددهم بـ 25 طفلاً في عام 2015)، فإن الأطفال الذين يتجولون في بقية البلاد لم تتح لهم هذه الفرصة، فهم كثيرون جدًا في وهران وسكيكدة وغرداية و بجاية بعيدون عن والديهم وأحياناً يصحبهم غرباء يستغلونهم في التسول وينتظرون بفارغ الصبر العبور إلى الضفة الأخرى."
محاولات الجمعيات
بالإضافة إلى تدخلات الدولة، حاولت أيضا جمعيات وضعهم هؤلاء الأطفال في مدارس، سواء العمومية وذلك بالاتفاق مع وزارة التربية في المدارس، أو الخاصة وذلك بالتكفل بتدريسهم ماديا "لكن أولياء هؤلاء الأطفال لا يمكثون أبدًا في نفس البلدية لأكثر من 4 أشهر، مما يجعل هذه الممارسة شبه مستحيلة. بالإضافة إلى مخاطر عمليات الترحيل الفوري، فإننا نواجه أيضًا تنقل أوليائهم الذين يغيرون المدن للبحث عن الإمكانيات المختلفة التي ستسمح لهم بالذهاب إلى أوروبا." تشرح نائبة رئيس جمعية صوت الطفل في بجاية والتي تضيف "جمعيتنا، صوت الطفل في ولاية بجاية، هي من بين الجمعيات التي تشعر بالعجز أمام عدم تعليم أطفال جنوب الصحراء الكبرى".
بدون جهاز يسمح لهؤلاء الأطفال بالاستقرار الإقليمي والاجتماعي والمدني، يظل التسجيل في مؤسسة تعليمية غير مؤكد
كحل لهذه المشكلة التي قالت عنها أنها من أكبر المشكلات التي تواجه الجزائر فتقترح محدثتنا "نظريا الحل بسيط للغاية: هو تحالف بين مديرية النشاط الإجتماعي ومديرية التعليم في كل ولاية مع الحركة الجمعوية المحلية، من خلال إطلاق حملة توعية لمرافقي/ أولياء هؤلاء الأطفال القادمين من جنوب الصحراء الكبرى حول أهمية تسجيلهم في المدرسة. ومع ذلك، فإن الواقع مختلف تمامًا، فبدون اعتراف الدولة بوضع اللاجئ، يُطلب من الأخير التحرك داخل الأراضي الوطنية حتى يجد حلاً مناسبًا، وبالتالي فهو (المرافق/الولي) لا يستقر في مكان واحد ويسافر مع أطفاله. وبالتالي لا يمكن ضمان التعليم الرسمي للطفل. لكن يمكن تصور أحد الحلول، وهو إنشاء مخيمات مدرسية في المدن التي تضم تجمعات كبيرة من اللاجئين، حيث يمكن للمتطوعين تقديم دروس دون مطالبة أولياء الأطفال بتسجيلهم بطريقة رسمية. فحتى لو كان ذلك لفترة قصيرة، إلا أن الطفل سيكون على الأقل قادرًا على الاستفادة من التعلم الأساسي مثل اللغات، والرياضيات، والجغرافيا" .
ماجيد صراح