الجزائر : تعديل حكومي…مناورة سياسية أم استجابة ناقصة للأزمة ؟

لم يأت التعديل الحكومي الذي أجراه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بجديد يُذكر على مستوى معالجة الملفات العالقة التي أثقلت كاهل الجزائريين. فبينما كان الشارع ينتظر قرارات نوعية تمسّ أساساً قطاعات التجارة، الاستيراد، النقل، والخدمات العمومية، جاءت القائمة لتكشف – وفق قراءة الكثيرين – عن توجه سياسي أكثر منه اقتصادي أو اجتماعي.

الجبهة الداخلية… هموم مؤجلة

حادثة وادي الحراش وما رافقها من سخط شعبي كانت بمثابة جرس إنذار يُفترض أن يدفع إلى مراجعة عميقة في أداء الجهاز التنفيذي، لكن التعديل تجاهل هذه الصدمة ولم يقدّم إشارات واضحة لطمأنة المواطنين أو معالجة الاختلالات التي فجّرت الأزمة.

إضافة إلى ذلك، لا يزال ملف الاستيراد يتسم بالارتباك، وسط معاناة التجار والمستهلكين على حد سواء، في وقت تتزايد فيه معدلات التضخم وتضيق القدرة الشرائية بشكل مقلق.

صعود سعيود… رسائل متعددة

أكثر النقاط إثارة للنقاش في التعديل هي منح حقيبة “الداخلية والجماعات المحلية والنقل” لوزير النقل السابق سعيد سعيود. خطوة يرى فيها البعض إقراراً بوزنه داخل الحكومة، لكنها تُفسَّر أيضاً على أنها تركيز مفرط للسلطات في يد وزير واحد، وهو ما قد يزيد من هشاشة التوازنات داخل الجهاز التنفيذي.

المعارضون لهذا الخيار يعتبرون أن الحكومة فضّلت “الاستقرار الشكلي” على حساب المساءلة والمحاسبة، في حين يرى آخرون أن تبون يبحث عن شخصية قوية تضمن الانضباط الإداري في ظرف اجتماعي حساس.

البعد السياسي للتعديل

الرسالة الأوضح من هذا التغيير أن الأولوية لم تكن الإصلاحات الاقتصادية العاجلة، بل إعادة ترتيب البيت الحكومي وفق اعتبارات سياسية وأمنية. فإعادة تدوير أسماء معروفة وتثبيت وجوه لم تثبت فعاليتها في ملفات ملحّة يوحي بأن الرئاسة تركّز على ضمان الولاءات أكثر من الاستجابة لضغط الشارع.

قد يصف البعض هذا التعديل بأنه “ترميم واجهة” أكثر مما هو “حل للأزمات”، بينما يبقى المواطن ينتظر إجراءات ملموسة تترجم إلى أسعار مستقرة، خدمات نقل فعّالة، وأمن معيشي يخفف من حدة القلق اليومي.

فهل سيثبت هذا التعديل قدرته على امتصاص غضب الشارع؟ أم سيكون مجرّد محطة أخرى في سلسلة تغييرات شكلية لا تمسّ جوهر الأزمة ؟.

حاج ابراهيم