الإفراج عن جورج عبدالله بعد أكثر من أربعة عقود في المعتقلات الفرنسية
- cfda47
- 17 يوليو
- 2 دقيقة قراءة

قرّر القضاء الفرنسي، اليوم الخميس، الإفراج عن المناضل اللبناني جورج إبراهيم عبدالله، بعد أكثر من 41 عاماً قضاها في السجون الفرنسية، بتهمة اغتيال دبلوماسيين أميركيين وإسرائيليين في ثمانينات القرن الماضي، وهي التهم التي نفى ضلوعه المباشر فيها طيلة فترة اعتقاله. وقد اعتبر كثيرون أن احتجازه تجاوز الجوانب القانونية إلى أبعاد سياسية بحتة.
وفي تصريح له، قال روبير عبدالله، شقيق جورج، إن العائلة “سعيدة بهذا القرار الذي لم نكن نتوقعه”، مشدداً على أن “هذه هي المرّة الأولى التي تتحرر فيها السلطات الفرنسية من الضغوط الأميركية والإسرائيلية”. وأضاف أنّ الأسرة تنتظر عودته إلى لبنان في أقرب وقت.
وكان القضاء الفرنسي قد وافق على إطلاق سراحه في شباط الفائت، شرط ترحيله إلى لبنان فورًا، غير أن النيابة العامة لشؤون مكافحة الإرهاب سارعت إلى استئناف القرار وعرقلته. ويُذكر أن عبدالله قد أنهى مدة محكوميته منذ عام 1999، لكن الإفراج عنه بقي معلقًا لأكثر من عقدين بسبب ضغوط سياسية واضحة.
من هو جورج عبدالله ؟… مسار مناضل لم ينحنِ
البدايات: من القبيات إلى باريس
ولد جورج إبراهيم عبدالله عام 1951 في بلدة القبيات بمحافظة عكار شمال لبنان، لعائلة مارونية ملتزمة بالقضية الوطنية. درس الأدب الفرنسي وعمل لاحقاً أستاذاً، لكنه سرعان ما انجذب إلى العمل السياسي والنضالي في سياق الحرب الأهلية اللبنانية والاجتياح الإسرائيلي عام 1982.
انضم إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، ثم لاحقًا إلى تنظيم الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية، وهو التنظيم الذي اتُّهم لاحقًا بالوقوف وراء اغتيال دبلوماسيين أميركيين وإسرائيليين في باريس.
الاعتقال والمحاكمة
في العام 1984، ألقت السلطات الفرنسية القبض على جورج عبدالله في مدينة ليون. وقد خضع لمحاكمة عام 1987 وصدر بحقه حكم بالسجن المؤبد بتهمة التواطؤ في اغتيال الدبلوماسي الأميركي تشارلز روبرت راي، والدبلوماسي الإسرائيلي ياكوف بارسيمانتوف.
ورغم إنهائه فترة محكوميته القانونية في العام 1999، رفضت الحكومات الفرنسية المتعاقبة الإفراج عنه، نتيجة ضغوط من الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين اعتبرتا إطلاق سراحه “سابقة خطيرة” و”تهديداً للأمن”.
رمز المقاومة والصمود
تحوّل جورج عبدالله خلال سنوات سجنه الطويلة إلى رمز للمقاومة اليسارية والقضية الفلسطينية، واستمرت حملات التضامن معه من منظمات حقوقية، ونقابات، وأحزاب يسارية من فرنسا ولبنان والعالم. وقد أصر عبدالله خلال كل تلك السنوات على موقفه، ولم يُبدِ ندمًا، بل بقي يكرر أنّه “مناضل أممي من أجل العدالة والتحرر”، رافضًا التماس العفو أو الاعتذار.
سنوات من الرفض القضائي والسياسي
قدّم محامو عبدالله العديد من طلبات الإفراج المشروط منذ عام 1999، وقد وافقت بعض المحاكم الفرنسية على بعضها، لكنّ النيابة كانت تستأنف، فتُعرقل التنفيذ. وكان لافتًا أنّ رفض الإفراج عنه لم يكن قانونيًا بقدر ما كان سياسيًا، حيث كشفت تسريبات إعلامية عن تدخلات مباشرة من الخارجية الأميركية في هذا الملف.
من زنزانته إلى وطنه…
مع قرار القضاء الفرنسي هذا اليوم، يُطوى فصلٌ طويل من الظلم السياسي باسم “العدالة”، ويبدأ فصل جديد في حياة مناضل قضى أكثر من نصف عمره في السجون دفاعًا عن قضيته ومبادئه. ومن المنتظر أن يعود جورج عبدالله إلى وطنه لبنان، حيث ستستقبله قوى سياسية وشعبية طالما نادت بحريته، لتكتمل بذلك رحلة نضالية صلبة، جسّد خلالها مثالاً نادراً للصمود والمبدئية.
حاج إبراهيم



تعليقات