الجزائر تستغل ملف الكاتب بوعلام صنصال لتعزيز موقعها الدبلوماسي
- cfda47
- 12 نوفمبر
- 2 دقيقة قراءة

في خطوة وُصفت بالمفاجئة، استجابت الجزائر لطلب الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير بالعفو عن الكاتب بوعلام صنصال لأسباب إنسانية. القرار الذي اتخذه الرئيس عبد المجيد تبون، بعد استكمال الإجراءات القانونية وفق المادة 91 من الدستور، لم يكن مجرد مبادرة إنسانية، بل حمل في طياته رسائل سياسية ودبلوماسية واضحة.
في خطوة أثارت الكثير من الجدل، قررت الجزائر العفو عن الكاتب الفرانكو-جزائري بوعلام صنصال بعد تلقي طلب رسمي من الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الذي التمس من نظيره الجزائري عبد المجيد تبون التدخل لأسباب إنسانية. القرار الذي جاء في العاشر من نوفمبر 2025، وُصف في بيان رئاسة الجمهورية بأنه استجابة لطلب إنساني، لكنه في الواقع يحمل أبعادًا سياسية ودبلوماسية تتجاوز الطابع الإنساني المعلن.
الجزائر استغلت هذا الملف لتقديم نفسها بصورة الدولة التي تراعي القيم الإنسانية، في وقت تواجه فيه انتقادات متكررة حول أوضاع الحريات وحقوق الإنسان. عبر هذا القرار، تمكنت السلطة من تحسين صورتها خارجيًا، وإظهار مرونة محسوبة أمام شركائها الأوروبيين. اختيار ألمانيا كوسيط لم يكن اعتباطيًا، إذ تربط الجزائر ببرلين علاقات اقتصادية متينة، خاصة في مجال الطاقة والانتقال الطاقوي، ما يجعل الاستجابة للطلب فرصة لتعزيز التعاون الثنائي وفتح آفاق جديدة للشراكة.
في المقابل، يحمل القرار رسالة واضحة إلى فرنسا، التي لم تنجح في الحصول على تنازل مماثل رغم أن صنصال يحمل الجنسية الفرنسية أيضًا. الجزائر أرادت أن تؤكد استقلالية قرارها، وأنها لا ترضخ لضغوط باريس، بل تختار التعامل مع طرف أوروبي آخر أقل حساسية تاريخية وسياسية. بهذا، تحوّل الملف إلى ورقة سياسية بامتياز، تسمح للجزائر بإعادة التموضع داخل أوروبا، وتأكيد أنها قادرة على التفاعل مع القارة وفق شروطها الخاصة.
داخليًا، القرار يتيح للسلطة تقديم نفسها كحامية للسيادة وفي الوقت نفسه كدولة تستجيب للاعتبارات الإنسانية، ما يوازن بين خطاب الصرامة والانفتاح. العفو عن صنصال لم يُقدَّم كتنازل، بل كقرار سيادي اتخذ بعد استشارة الجهات المختصة، وهو ما يعزز صورة الدولة القوية التي تتحكم في ملفاتها دون ضغوط مباشرة.
بهذا الشكل، استغلت الجزائر ملف بوعلام صنصال لتخفيف الضغط الحقوقي، تعزيز علاقاتها مع ألمانيا، وتوجيه رسالة استقلالية تجاه فرنسا. القضية التي بدأت بطلب إنساني تحولت إلى أداة دبلوماسية، تكشف كيف يمكن للجزائر أن توظف ملفات فردية في خدمة استراتيجيتها السياسية على الساحة الدولية.
نسرين ج



تعليقات