الجزائر تغيب عن منتدى موسكو للطاقة : رسالة سياسية أم إعادة تموقع استراتيجي؟
- cfda47
- 17 أكتوبر
- 2 دقيقة قراءة

في خطوة أثارت تساؤلات في الأوساط الدبلوماسية والطاقوية، غابت الجزائر عن فعاليات المنتدى العالمي للطاقة المنعقد في موسكو من 15 إلى 17 أكتوبر، والذي جمع ممثلين عن 84 دولة لمناقشة مستقبل الطاقة المستدامة في ظل التحولات الجيوسياسية والتكنولوجية المتسارعة.
القرار، الذي اتُّخذ على أعلى مستوى، جاء احتجاجًا على ما تعتبره الجزائر انحيازًا روسيًا في ملف الصحراء الغربية، وتوترًا متزايدًا بشأن النفوذ الإقليمي في مالي.
هذا الغياب يعكس رغبة الجزائر في إعادة تموقعها الاستراتيجي، واستخدام ورقة الطاقة كأداة سيادية في علاقاتها الدولية، بعيدًا عن الاصطفافات التقليدية. في المقابل، فوّتت الجزائر فرصة عرض مشاريعها في الطاقات المتجددة ضمن منتدى عالمي محوري.
غياب لافت في لحظة حرجة
رغم كونها من كبار منتجي الغاز في العالم وعضوًا فاعلًا في منتدى الدول المصدرة للغاز، اختارت الجزائر عدم إرسال أي وفد رسمي إلى موسكو، في وقت كانت فيه الأنظار موجهة إلى مواقف الدول المنتجة من قضايا الانتقال الطاقوي، والهيدروجين الأخضر، والتعاون جنوب-جنوب.
مصدر دبلوماسي جزائري مطّلع صرّح لـ"الخبر" أن القرار اتُّخذ على أعلى مستوى، ويعكس "استياءً متزايدًا من مواقف روسيا الأخيرة في ملفات إقليمية تمس المصالح الاستراتيجية للجزائر، وعلى رأسها قضية الصحراء الغربية".
خلفيات سياسية تتجاوز الطاقة
تشير المعطيات إلى أن موسكو عبّرت في الأسابيع الماضية عن دعمها المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، وهو ما اعتبرته الجزائر "انحرافًا عن الحياد التقليدي الروسي" في هذا الملف الحساس.
كما أبدت موسكو تحفظات على الدور الجزائري في منطقة الساحل، خاصة في مالي، حيث تتقاطع مصالح الجزائر مع النفوذ الروسي المتنامي عبر "فيلق إفريقيا".
هذا التوتر الصامت بين البلدين يأتي في وقت تعمل فيه الجزائر على تنويع شراكاتها الطاقوية، خاصة مع أوروبا والصين، وتُعيد تقييم تحالفاتها التقليدية في ضوء المتغيرات الجيوسياسية.
المنتدى بدون الجزائر: ما الذي فاتها؟
المنتدى شهد نقاشات معمقة حول مستقبل الطاقة النظيفة، وتطوير البنى التحتية للهيدروجين، والرقمنة في قطاع الطاقة. كما تم التوقيع على عدة مذكرات تفاهم بين دول آسيوية وأوروبية لتعزيز التعاون في مجالات التخزين والربط الكهربائي.
غياب الجزائر عن هذه المنصة حرمها من فرصة عرض مشاريعها الطموحة في الطاقات المتجددة، خاصة في الجنوب الكبير، ومن تعزيز موقعها كمزود موثوق للطاقة في ظل أزمة الثقة التي تعصف بالأسواق العالمية.
قراءة رمزية: الطاقة كأداة دبلوماسية
يرى مراقبون أن الجزائر اختارت توجيه رسالة سياسية مزدوجة: أولًا، رفض الانخراط في منتديات لا تراعي توازناتها الإقليمية؛ وثانيًا، التأكيد على أن الطاقة ليست مجرد سلعة، بل ورقة سيادية تُستخدم في بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل.
في هذا السياق، قد يُفهم الغياب الجزائري كجزء من استراتيجية أوسع لإعادة تموقعها في المشهد الدولي، بعيدًا عن المحاور التقليدية، وبما ينسجم مع خطابها السيادي المتصاعد.
حكيم ش



تعليقات