top of page

الجزائر في اليوم العالمي لحقوق الإنسان : بين خطاب الإصلاح وواقع التضييق

  • cfda47
  • قبل 4 أيام
  • 2 دقيقة قراءة
ree

منذ تولي الرئيس عبد المجيد تبون الحكم في ديسمبر 2019، تتسم وضعية حقوق الإنسان في الجزائر بقدر كبير من التناقض. فبينما يرفع الخطاب الرسمي شعار الإصلاح وحماية الحقوق، يكرس الواقع الميداني تضييقًا متزايدًا على الحريات السياسية والإعلامية. وفي اليوم العالمي لحقوق الإنسان، يظل التحدي الأكبر أمام الجزائر هو الانتقال من النصوص الدستورية والوعود السياسية إلى ممارسات فعلية تضمن حرية التعبير، استقلال القضاء، وحماية الناشطين والصحفيين.


الرئيس تبون أكد منذ بداية ولايته أن الحقوق والحريات تمثل جوهر الإصلاحات القضائية والدستورية، وقد جاء دستور 2020 ليكرس مواد جديدة تعزز حرية التعبير والحق في التظاهر وضمان استقلالية القضاء. كما صادقت الجزائر على معظم الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، في خطوة أرادت بها السلطات إظهار التزامها بالمعايير العالمية. غير أن الأشهر الأخيرة شهدت تصاعدًا في الجدل حول حدود حرية التعبير، بعد سلسلة من القضايا التي طالت صحفيين وناشطين بسبب مقالات أو منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي، ما أثار مخاوف من عودة الرقابة الصارمة في وقت يطالب فيه المجتمع المدني بضمانات دستورية أكثر صلابة لحماية الكلمة الحرة.


منظمات حقوقية محلية ودولية نددت بما وصفته بـ “تضييق ممنهج”، مؤكدة أن حرية التعبير ليست امتيازًا تمنحه السلطة بل حق أصيل يجب أن يُصان. في المقابل، تبرر السلطات الإجراءات المتخذة باعتبارها ضرورية لحماية الأمن العام ومكافحة خطاب الكراهية. هذا الجدل يعكس معركة أعمق بين رؤية رسمية تسعى إلى ضبط الفضاء الإعلامي ورؤية شعبية تطالب بمساحة أوسع للنقد والمساءلة، فيما يبقى الصحفيون والكتاب في مواجهة يومية مع سؤال جوهري: كيف يمكن ممارسة حرية التعبير دون أن تتحول إلى تهمة؟


الواقع الميداني يكشف عن ضغوط متزايدة على الحريات. نشطاء الحراك الشعبي تعرضوا للاعتقال والملاحقات القضائية بتهم تتعلق بـ “المساس بالوحدة الوطنية” أو “نشر أخبار كاذبة”. الصحافة المستقلة واجهت تضييقًا متصاعدًا، تجلى في إغلاق صحيفة “ليبرتي” ومتابعات قضائية ضد صحفيين مثل رابح كراش. أما الجمعيات المدنية، فهي تخضع لقوانين صارمة تجعل الترخيص المسبق شرطًا أساسيًا، ما يحد من حرية التنظيم والعمل المدني.


بهذا، تبدو الجزائر اليوم عالقة بين وعود الإصلاحات الدستورية التي ترفعها السلطة، وواقع ميداني يفرض قيودًا على الحريات الأساسية، لتظل معركة حقوق الإنسان مفتوحة بين خطاب رسمي يعلن الالتزام، وممارسات يومية تضع هذا الالتزام موضع شك.



نسرين ح

 
 
 

تعليقات

تم التقييم بـ 0 من أصل 5 نجوم.
لا توجد تقييمات حتى الآن

إضافة تقييم
bottom of page