الجنوب الجزائري بين الثروة والحرمان، الاعتقال وتكميم الأفواه الناقدة
- cfda47
- 4 سبتمبر
- 2 دقيقة قراءة

تزداد يومًا بعد يوم عدد أصوات شباب الجنوب الجزائري المطالبة بحقوقهم الأساسية، سواء عبر احتجاجات سلمية ميدانية أو من خلال حملات على شبكات التواصل الاجتماعي. هذا الوعي يعكس إدراكًا عميقًا للمفارقة المؤلمة: منطقة تزخر بالنفط والغاز، بينما يعيش سكانها الفقر والتهميش والبطالة.
يكشف تقرير منظمة شعاع لحقوق الإنسان، الهوّة الشاسعة بين ما ينص عليه الدستور الجزائري والمواثيق الدولية من حقوق، وما يعيشه شباب الجنوب في الواقع. البطالة، التلوث، غياب التنمية، وضعف الخدمات الصحية والتعليمية، كلها مظاهر تُناقض المواد الدستورية التي تضمن المساواة، الحق في العمل، البيئة السليمة، وحرية التعبير.
احتجاجات سلمية… وقمع ممنهج
رغم الطابع السلمي لاحتجاجات شباب ورقلة وحاسي مسعود، كان ردّ السلطة الأمنية قمعًا واعتقالات. التقرير يستعرض حالات بارزة مثل سفيان حمدات وياسين سويسي، إضافة إلى السجينة عبلة قماري، الذين حوكموا بسبب منشورات أو مقاطع فيديو تعبر عن معاناتهم. هذه الحالات تعكس سياسة منهجية لتجريم التعبير السلمي، في تعارض صارخ مع التزامات الجزائر الدولية، وخاصة العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
تحذّر المنظمة الحقوقية من أنّ سياسة القمع بدل الحوار تُفاقم الاحتقان وتزرع بذور التطرّف. فشباب الجنوب، بدل أن يكونوا شركاء في التنمية، يجدون أنفسهم إمّا عاطلين عن العمل أو “حراسًا” على آبار النفط، مستنشقين الغازات السامة، فيما تُحوَّل ثروات منطقتهم إلى خارجها.
نحو عقد اجتماعي جديد
لا ترى منظمة شعاع أنّ الأزمة قضية تشغيل فقط، بل قضية حقوق وحريات. وتدعو إلى عقد اجتماعي جديد يرتكز على: ضمان الحقوق والحريات فعليًا، بما يشمل حرية التعبير والتجمع. و توزيع عادل للعائدات عبر آليات شفافة وخاضعة للمساءلة. وبحوكمة تشاركية تتيح للسكان دورًا في صنع القرار ومراقبته.
يختتم التقرير بدعوة صريحة إلى الإفراج الفوري عن معتقلي الرأي ووقف المتابعات القضائية المرتبطة بالتعبير السلمي. و فتح مسار حوار علني وملزم مع ممثلي الشباب والمجتمع المدني. مع تخصيص نسبة مُعلنة من عائدات النفط والغاز لتنمية مستدامة للجنوب، و فرض أولويات تشغيل محلية ملزمة في الشركات النفطية. و حماية البيئة عبر وقف الحرق الروتيني للغاز وإجراء تقييمات مستقلة. مع تعزيز الشفافية بنشر بيانات الإنتاج والعقود والإيرادات بشكل دوري.
و يمثل تقرير شعاع الحقوقية صرخةً توثّق المظالم وتضع بدائل عملية أمام صانع القرار. فإما أن تستجيب الدولة لمسار إصلاحي يقوم على العدالة والمساءلة، وإما أن تستمر دائرة القمع والحرمان، بما يهدد السلم الاجتماعي ويعمّق أزمة الثقة بين المواطن والدولة.
حكيم ش



تعليقات