الكاتب بوعلام صنصال يغادر الجزائر نحو برلين على متن طائرة عسكرية ألمانية
- cfda47
- 12 نوفمبر
- 2 دقيقة قراءة

في تطور لافت يعكس التداخل بين الأدب والسياسة، تتجه طائرة تابعة للجيش الألماني نحو الجزائر لنقل الكاتب الجزائري بوعلام صنصال إلى برلين، حيث ينتظره فضاء الحرية وفرصة تلقي العلاج. هذا الخبر الذي تناقلته الصحف الناطقة بالإنجليزية يسلط الضوء على مسار رجل ظل مثيراً للجدل داخل بلاده، وموضع تضامن واسع خارجها.
بوعلام صنصال، الروائي المعروف بمواقفه النقدية الحادة تجاه السلطة، كان قد أُدين قبل سنوات بالسجن لمدة خمس سنوات بعد تصريحات اعتُبرت مساساً بالوحدة الوطنية، حين أشار إلى أن جزءاً من الأراضي في غرب الجزائر يعود تاريخياً إلى المغرب. الحكم أثار حينها جدلاً واسعاً بين المدافعين عن حرية التعبير والسلطات التي رأت في كلامه تهديداً للسلم الأهلي. غير أن تدخلاً دبلوماسياً مباشراً من الرئيس الألماني أفضى مؤخراً إلى إصدار عفو رئاسي لصالح الكاتب، ما فتح الباب أمام خروجه من السجن.
رحلة صنصال إلى ألمانيا تحمل أكثر من دلالة. فهي من جهة تعكس البعد الإنساني في قضية مثقف عانى من السجن بسبب آرائه، ومن جهة أخرى تبرز الدور الذي تلعبه العلاقات الدولية في حماية الأصوات الأدبية والفكرية. ألمانيا، التي طالما احتفت بأعمال صنصال وترجمت رواياته إلى لغات عدة، تقدم اليوم مبادرة عملية لنقله إلى فضاء يتيح له استعادة صحته ومواصلة الكتابة بعيداً عن القيود.
الحدث يثير أيضاً نقاشاً أوسع حول وضع حرية التعبير في الجزائر، حيث لا يزال العديد من الكتاب والصحفيين يواجهون ضغوطاً بسبب آرائهم. خروج صنصال من السجن لا يعني بالضرورة نهاية هذه الضغوط، لكنه يشكل إشارة قوية إلى أن التضامن الدولي يمكن أن يفتح ثغرات في جدار الصمت. بالنسبة للكاتب نفسه، فإن مغادرته البلاد قد تكون بداية مرحلة جديدة من النفي الطوعي، حيث يواصل الدفاع عن قناعاته من خارج الحدود.
الصحف الأجنبية التي تناولت الخبر ركزت على رمزية الطائرة العسكرية الألمانية، معتبرة أن الأمر يتجاوز مجرد نقل شخص مريض، ليصبح رسالة سياسية واضحة: الحرية لا تعرف حدوداً، والدفاع عن الكلمة الحرة يمكن أن يستدعي أدوات الدولة نفسها. في المقابل، يظل السؤال مطروحاً حول كيفية استقبال الرأي العام الجزائري لهذه الخطوة، بين من يرى فيها إنقاذاً لمثقف بارز، ومن يعتبرها تدخلاً خارجياً في الشأن الداخلي.
رحلة بوعلام صنصال إلى ألمانيا إذن ليست مجرد انتقال جغرافي، بل هي فصل جديد في علاقة الأدب بالسلطة، وفي جدلية الحرية والحدود. إنها قصة كاتب دفع ثمن كلماته، لكنه وجد في التضامن الدولي سنداً يعيده إلى فضاء الكتابة، حيث الكلمة لا تُسجن ولا تُنفى، بل تظل قادرة على عبور الحدود وصناعة الأثر.
التحرير



تعليقات