الهلال الأحمر الجزائري بين العمل الإنساني واستغلال النفوذ : شهادة هاجر زيتوني
- cfda47
- 5 نوفمبر
- 3 دقيقة قراءة

في قلب مؤسسة الهلال الأحمر الجزائري، تفجرت قضية أثارت جدلاً واسعاً حول ممارسات السلطة داخل المنظمات الإنسانية، بعد أن خرجت الصحافية هاجر زيتوني عن صمتها لتكشف عن سلسلة من الانتهاكات التي تقول إنها تعرضت لها خلال فترة عملها تحت إدارة ابتسام حملاوي، رئيسة الهلال الأحمر الجزائري. القضية، التي بدأت بتدوينات وشهادات على وسائل التواصل الاجتماعي، سرعان ما تحولت إلى ملف قضائي وإعلامي يتقاطع فيه الشخصي بالمؤسساتي، والإنساني بالسياسي.
شهادة هاجر زيتوني، الصحافية السابقة في الهلال الأحمر الجزائري، تمثل لحظة مفصلية في كشف ما تصفه بـ”الوجه القمعي” لمؤسسة يفترض أن تكون إنسانية.
في مقاطع مصورة وتصريحات علنية، روت هاجر زيتوني تفاصيل ما عاشته من "ضغوطات نفسية"،" تهديدات مبطنة، وتهميش ممنهج داخل المؤسسة"، متهمة رئيسة الهلال الأحمر الجزائري ابتسام حملاوي بممارسات استبدادية واستغلال للنفوذ.
قالت زيتوني إنها تعرضت لـ”حملة ترهيب” بعد أن بدأت تطرح أسئلة حول طريقة تسيير المؤسسة، خاصة ما يتعلق بالمساعدات الإنسانية والتوظيفات. وأكدت أن انتقاداتها الداخلية قوبلت بالإقصاء، ثم لاحقًا بمتابعة قضائية بتهمة إدارة صفحة على فيسبوك نشرت محتوى ينتقد ابتسام حملاوي.
في شهادتها، تحدثت عن استدعاءات أمنية متكررة، عن تحقيقات مطولة، وعن شعور بالعزلة والخوف، لكنها شددت على أنها “لن تصمت”، وأن ما تقوم به هو “واجب أخلاقي تجاه العمل الصحافي وتجاه ضميرها المهني”.
هاجر زيتوني، التي عملت في قسم الإعلام بالمؤسسة الخيرية، تحدثت عن ضغوطات نفسية ومهنية مورست ضدها، وعن تجاوزات في التسيير الإداري، وعن استغلال للنفوذ داخل مؤسسة خيرية يفترض أن تكون ملاذاً للضعفاء.
شهادتها لم تكن الوحيدة، فقد انضم إليها ناشطون سابقون في الهلال الأحمر الجزائري ، بينهم ياسين بن شطاح، الذي وصف ظروف التحقيق والسجن بأنها قاسية وغير إنسانية، مشيراً إلى محاولات للتأثير على مسار العدالة.
الاتهامات الموجهة لحملاوي شملت أيضاً سوء معاملة الموظفين، تدخلات غير قانونية في التحقيقات، وتوظيف المؤسسة لأغراض تتجاوز مهمتها الإنسانية.
السلطات القضائية فتحت تحقيقاً في القضية، لكن مسار العدالة نفسه بات محل تساؤل، خاصة بعد أن وُجهت لزيتوني تهم تتعلق بإدارة صفحة على وسائل التواصل الاجتماعي نشرت محتوى ينتقد المؤسسة ورئيستها.
هذا التفاعل القضائي مع محتوى إعلامي أثار مخاوف من تقييد حرية التعبير، ومن استخدام القانون كأداة للترهيب بدل الحماية.
في المقابل، لم تصدر ابتسام حملاوي أي رد رسمي مفصل، واكتفت المؤسسة بنفي الاتهامات عبر قنواتها المعتادة، ما زاد من حدة الجدل.
القضية تجاوزت بعدها الفردي لتطرح أسئلة جوهرية حول استقلالية المنظمات الإنسانية في الجزائر، وحول حدود السلطة داخل المؤسسات التي يفترض أن تكون محايدة وغير خاضعة للتجاذبات السياسية.
كما سلطت الضوء على هشاشة الحوكمة داخل هذه المنظمات، وعلى غياب آليات الرقابة والمساءلة الفعالة.
في بلد يعيش تحولات سياسية واجتماعية عميقة، تصبح مثل هذه القضايا مرآة تعكس التوترات البنيوية بين الدولة والمجتمع المدني، بين الخطاب الرسمي والممارسة الفعلية.
هاجر زيتوني لم تطلب فقط إنصافاً شخصياً، بل دعت إلى إصلاح شامل في طريقة تسيير المؤسسات الإنسانية، وإلى ضمان بيئة عمل تحترم الكرامة والحقوق. فهي لم تكتف بسرد معاناتها، بل ركّزت على ضرورة فتح تحقيق مستقل في تسيير الهلال الأحمر الجزائري، وإلى حماية الصحافيين والعاملين داخل المؤسسات من التعسف الإداري.
شهادتها تحولت إلى نداء جماعي من أجل العدالة، من أجل أن لا تكون المؤسسات الإنسانية مسرحاً للانتهاكات، بل حصناً للكرامة، ولاقت تضامنًا واسعًا من نشطاء وصحافيين، الذين يُندّدون ضد الإفلات من العقاب، وضد تسييس العمل الإنساني.
في هذا السياق، تبرز القضية كرمز لمواجهة أوسع بين من يسعى إلى ترسيخ ثقافة المحاسبة، ومن يصر على احتكار السلطة باسم العمل الإنساني.
للتذكير، تصاعدت مؤخّرًا موجة من الانتقادات والاتهامات ضد ابتسام حملاوي، التي تشغل منصب رئيسة الهلال الأحمر الجزائري ورئيسة المرصد الوطني للمجتمع المدني. هذه الحملة جاءت إثر تدوينة نشرتها الدكتورة لطيفة ديب، المحامية والناشطة في المجتمع المدني، طالبت فيها رئيس الجمهورية بإنهاء مهام حملاوي وإحالتها على التحقيق، مدعومة بنداء من رؤساء منظمات وجمعيات غير حكومية .
نسرين ج



تعليقات