امدغاسن… حين تنطق السينما بلغة الحضارة
- cfda47
- 18 سبتمبر
- 3 دقيقة قراءة

في قلب الضريح الملكي امدغاسن، وعلى إيقاع السينما والتاريخ، اختُتمت فعاليات المهرجان الثقافي الدولي للسينما امدغاسن وسط أجواء ساحرة جمعت بين الفن والحضارة، في طبعة استثنائية كادت تلامس الخيال جمالاً وسحراً. طبعة متفردة جمعت عمالقة الفن السابع من داخل الوطن وخارجه، لتُخلّد لحظة فخر عميقة في ذاكرة الثقافة الجزائرية. اذ لم يكن المكان مجرد فضاء للعرض، بل منصة رمزية تنطق بعبق التاريخ النوميدي وتستدعي صوت الحضارة في حضرة الفن السابع.
شهد الحفل الختامي الإعلان عن الفائزين في مختلف المسابقات المنظمة على هامش المهرجان، إلى جانب تكريم عدد من ضيوف الطبعة، في لمسة وفاء واعتراف بالإبداع. وفي كلمة مؤثرة، أعلنت السيدة مديرة الثقافة والفنون عن اختتام دورة كانت عامرة بالسينما، والأدب، والسياحة، والتاريخ، مؤكدةً أن امدغاسن لم يكن مجرد فضاء للعرض، بل منصة للعبور نحو ذاكرة جماعية نابضة بالحياة. وبينما أُسدل الستار على دورة امتزج فيها الإبداع بالهوية، يبقى مهرجان امدغاسن وعداً سنوياً بتجديد اللقاء بين السينما والذاكرة الجماعية.
مهرجان بنكهة الذاكرة
اختار المنظمون أن يكون الموقع الخارجي لضريح امدغاسن، أحد أعرق المعالم الملكية في شمال إفريقيا، مسرحاً لاختتام الدورة، في رسالة بصرية قوية تربط بين الإبداع السينمائي والهوية التاريخية. وبين أعمدة الضريح وصدى الحضارات القديمة، اجتمع صناع السينما من داخل الجزائر وخارجها، ليحتفوا بالفن الذي يعبر الحدود ويعيد تشكيل الذاكرة الجماعية.
وأكد محافظ المهرجان، عصام تعشيت، على أنه إضافة إلى العروض السينمائية التي يتابعها عشاق السينما، بشكل يومي خلال فعاليات هذا المهرجان، سطّر المشرفون على هذه التظاهرة الدولية التي تحتفي بالفن السابع، برنامجًا حافلًا بالحلقات التي تهتمُّ ببعض المهن السينمائيّة، كالتمثيل، وكتابة السيناريو، والإخراج، وهندسة الصوت، والنقد السينمائي.
كما تمّ على هامش العروض السّينمائية المبرمجة في هذه الدورة، إعداد برنامج يتضمن تنشيط ندوات فكرية حول السينما، والرواية، تمحورت موضوعاتها حول مستقبل السينما الإفريقية، ودور السينما في تعزيز الحوار بين الحضارات، وإمكانات الصناعة السينمائية في الجزائر، فضلًا عن تنظيم يوم دراسيّ حول تاريخ الضريح النوميدي الملكي إمدغاسن، بالإضافة إلى عروض مخصّصة للأطفال.
وعلى هامش هذه التظاهرة السينمائية الدولية، نُفّذت زيارة سياحية إلى عدد من المعالم الأثرية بالموقع الروماني تيمقاد، ومتحفه، حيث وقف ضيوف الجزائر على واحدة من أعرق المدن القديمة في العالم لترسيخ البعد السياحي، والثقافي للمهرجان، والتعريف بالموروث الحضاري الغني الذي تزخر به مدينة باتنة، ما يجعل من السّينما جسرًا بين الماضي والحاضر.
وقد أكد القائمون على المهرجان أنّ الهدف من هذه التظاهرة هو ترسيخ باتنة كعاصمة سينمائية وثقافية، لبناء جسر للتواصل بين السّينمائيين، وتعزيز حضور الجزائر دوليًّا في فعاليات الفن السابع.
تكريمات ومسابقات… والسينما في قلب الحدث
شهد الحفل الختامي الإعلان عن الفائزين في مختلف المسابقات المنظمة على هامش المهرجان، والتي شملت الأفلام القصيرة، الوثائقية، وأفلام الشباب. وتم تكريم عدد من ضيوف الطبعة، من مخرجين وممثلين وكتاب سيناريو، عرفاناً بمساهماتهم في إثراء المشهد السينمائي العربي والدولي. وقد عبّر العديد من الضيوف الدوليين عن إعجابهم بجمالية المكان وثراء البرنامج، مؤكدين أن الجزائر تملك من المقومات ما يؤهلها لتكون منصة سينمائية إقليمية بامتياز.
في كلمة مؤثرة، أعلنت السيدة مديرة الثقافة والفنون عن اختتام دورة كانت عامرة بالإبداع، مؤكدةً أن مهرجان امدغاسن ليس مجرد تظاهرة فنية، بل فعل ثقافي مقاوم، يعيد الاعتبار للسينما كأداة للتوثيق والتغيير. وأضافت:
"اخترنا امدغاسن ليكون شاهداً على أن الفن لا ينفصل عن التاريخ، وأن السينما قادرة على إحياء الذاكرة وتكريم الإنسان."
السينما كجسر للذاكرة
في لحظة إسدال الستار، بدا أن مهرجان امدغاسن قد نجح في تحقيق معادلة نادرة: الجمع بين الفن والهوية، بين الصورة والصوت، وبين الماضي والحاضر. وبينما غادر الضيوف الموقع الملكي محمّلين بالانطباعات، بقي صوت الحضارة يصدح في المكان، شاهداً على دورة استثنائية ستظل محفورة في ذاكرة السينما الجزائرية.
نسرين ج



تعليقات