تونس : تقرير يرصد عشرات الانتهاكات لحرية الإبداع
- cfda47
- 1 أكتوبر
- 2 دقيقة قراءة

كشف تقرير صادر عن مرصد حرية الرأي والتعبير تحت عنوان «المبدعون بين السجن والمنع: تقرير حول الحق في الإبداع في تونس» عن واقع مقلق يعيشه الفنانون والكتّاب في البلاد خلال الفترة الممتدة بين فبراير 2021 وجويلية 2025. التقرير وثّق ما لا يقل عن 15 حالة انتهاك شملت المنع والمصادرة والملاحقات القضائية، في ظل قوانين تُستعمل كأدوات لتجريم الإبداع عوض حمايته.
ورغم أن الدستور التونسي يكرّس الحق في الثقافة والإبداع، إلا أنّ هذا الحق يظلّ مقيّدًا بسبب ترسانة قانونية فضفاضة. فقد استُعملت نصوص من المجلة الجزائية ومجلة الاتصالات، بالإضافة إلى المرسوم 54 لسنة 2022، في ملاحقة الفنانين والكتّاب. ويعتبر المرصد أنّ هذه النصوص تُتيح تأويلات واسعة تُجرّم التعبير الفني والنقدي، وتحوّل الإبداع إلى مجال مراقب ومحاصر.
التقرير أوضح أنّ الانتهاكات لم تقتصر على القضاء فحسب، بل اتخذت أشكالًا متنوّعة، منها محاكمات ومتابعات قضائية ضد فنانين بتهم مرتبطة بمضامين أعمالهم، ومصادرة كتب وأعمال أدبية على غرار رواية «فرنكشتاين تونس». كما جرى منع عروض مسرحية أو تعديل مشاهد درامية بالقوة، في سابقة اعتبرها المرصد ضربًا مباشرًا لاستقلالية العمل الفني، إضافة إلى ضغوطات غير معلنة طالت فنانين بارزين مثل الممثل لطفي العبدلي الذي أُلغيت عروضه بشكل غير رسمي.
ويُبرز التقرير أنّ الأجهزة الأمنية أو بعض المؤسسات الإدارية كثيرًا ما تتحوّل إلى “رقيب ثقافي” يحدد ما يُسمح بعرضه وما يُمنع، وهو ما يتجاوز الدور المفترض للقضاء والهيئات الثقافية المستقلة. ويرى المرصد أنّ هذه الممارسات تُولّد مناخًا من الرقابة الذاتية، حيث يتردّد الفنانون والكتّاب في تناول مواضيع سياسية أو اجتماعية حساسة خوفًا من الملاحقة.
التداعيات التي أشار إليها التقرير خطيرة على المشهد الثقافي، إذ تساهم في إضعاف التجديد والتنوّع، وتعمّق القطيعة بين الفنانين والدولة، ما قد يؤدي إلى انكماش المجال الثقافي وتراجع مكانة تونس كفضاء للحريات بعد ثورة 2011.
واختتم التقرير بجملة من التوصيات أبرزها مراجعة النصوص القانونية التي تُستعمل لتجريم التعبير الفني، وعلى رأسها المرسوم 54 والفصول الجزائية ذات الصياغة الفضفاضة، إضافة إلى إسقاط القضايا المرفوعة ضد المبدعين بسبب أعمالهم وضمان استقلال المؤسسات الثقافية والإعلامية عن التدخل السياسي والأمني، فضلًا عن إشراك المبدعين في صياغة التشريعات الخاصة بالثقافة والفنون وحماية الفضاء الرقمي من المضايقات والحملات التي تستهدف الفنانين والكتّاب.
يوثّق التقرير صورة قاتمة عن حرية الإبداع في تونس بين 2021 و2025، حيث تزاوجت القوانين القامعة مع الممارسات الرقابية لتجعل من الفن والثقافة مجالًا محفوفًا بالمخاطر. ورغم أنّ الأرقام المعلنة لا تكشف سوى جزء من الواقع، إلا أنها تكفي لدق ناقوس الخطر والتأكيد على أن مستقبل الإبداع في تونس مرهون بإرادة سياسية جادة تضع الحرية كشرط أساسي لأي مشروع ثقافي أو مجتمعي.
حكيم ش



تعليقات