جدل سياسي في الجزائر.. الأرسيدي يتهم “الإسلام السياسي” بالهيمنة ويشعل سجال الهوية
- cfda47
- 15 يوليو
- 2 دقيقة قراءة

عاد التوتر الإيديولوجي في الساحة السياسية الجزائرية إلى الواجهة، إثر اتهامات مباشرة وجّهها حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (الأرسيدي) لما وصفه بـ”تيار الإسلام السياسي” بالسيطرة على مفاصل الدولة والسعي لطمس مقومات الهوية الوطنية.
في لائحته السياسية الأخيرة، الصادرة عن المجلس الوطني للحزب ونُشرت عبر منصاته الرسمية، شدد الأرسيدي على تمسكه برؤية “جزائر ديمقراطية ومتنوعة وشاملة، تعترف بكل مكوناتها الثقافية والتاريخية”. وأضاف الحزب: “في مواجهة صعود الإسلام السياسي، واستحواذه على مفاصل الدولة، ومحاولاته طمس الهوية الوطنية، فإننا نلتزم بمواجهة صريحة دفاعاً عن الجمهورية ودحض كل محاولات التزوير الثقافي والتاريخي”.
ويتبنى الأرسيدي توجهاً علمانياً واضحاً، يرفض خلط الدين بالسياسة، ويولي أهمية خاصة للدفاع عن التعددية الثقافية والهوية الأمازيغية. إلا أن هذا التوجه كثيراً ما يُقابل باتهامات من خصومه السياسيين، خاصة من داخل التيار الإسلامي، الذين يعتبرونه منغلقاً ومتطرفاً في مواقفه الإيديولوجية.
حمس ترد: “مزايدات ومواقف غير وطنية”
الرد لم يتأخر، إذ دخل النائب عبد السلام باشاغا عن حركة مجتمع السلم (حمس) على خط الجدل، مهاجماً الحزب دون تسميته صراحة، وواصفاً إياه بـ”الحزب المجهري الجهوي”، منتقداً ما اعتبره “مزايدات من جهة لا تتجاوز في انتشارها ولايتين، وتطل علينا من باريس لتمنح دروساً في الوطنية”، في إشارة إلى تصريحات أدلى بها سعيد سعدي، الرئيس الأسبق للأرسيدي، في الخارج.
من جانبه، وصف القيادي في الاتحاد العام الطلابي الحر وعضو حمس، عقبة بونقطة، خطاب الأرسيدي بـ”المرتبك والمتناقض”، متهماً الحزب بمهاجمة حمس عوض مواجهة السلطة. وأكد أن “حركة مجتمع السلم قد دسترت الهوية الوطنية في قانونها الداخلي”، بينما “يعيش الأرسيدي على العصبية الإيديولوجية، ويفتقر إلى مشروع وطني جامع”.
الأرسيدي: نواجه تمييزاً مؤسساتياً
في المقابل، رد موسى طاطم، عضو الأمانة الوطنية للأرسيدي، قائلاً إن حزبه “يدفع ثمن مواقفه” عبر ما وصفه بـ”تمييز مؤسساتي”، شمل منع تنظيم أنشطة في بعض الولايات، وحرمانه من التغطية الإعلامية، بينما تُمنح تسهيلات لحركة مجتمع السلم. وأكد طاطم أن الحزب “يتمسك بمشروع جمهوري ديمقراطي ويرفض استغلال الدين في العمل السياسي”.
لجنة التربية تُشعل فتيل التوتر
الجدل تجدد على خلفية تعيين النائب زكريا بلخير، المنتمي لحمس، على رأس لجنة التربية والتعليم العالي والشؤون الدينية بالمجلس الشعبي الوطني، وهو ما وصفه الأرسيدي بـ”الانحراف الخطير” و”إهانة لروح الجمهورية”. واعتبر الحزب أن المدرسة الجزائرية باتت مهددة بـ”الاختطاف لصالح مشاريع رجعية”، داعياً المجتمع المدني للتصدي لما سماه “تغول الفكر الديني في المؤسسات”.
الرئيس السابق لحمس، عبد الرزاق مقري، رد على هذه الانتقادات، متهماً الأرسيدي بإعادة إنتاج خطاب الاستئصال من تسعينيات القرن الماضي، وبتبني مواقف “معادية للديمقراطية”، معتبراً أن الاعتراض الحالي “يتستر على غضب غير معلن” من تعيين ليلى عسلاوي – المحسوبة على التيار العلماني – على رأس المحكمة الدستورية، مؤكداً أن رئاسة لجنة التربية مُنحت لحمس في إطار ترتيبات برلمانية قائمة منذ 2021.
الأرسيدي: الاعتراض على التوجه وليس الأشخاص
في توضيح جديد، قال عثمان بن الصيد، الأمين الوطني المكلف بالتربية في الأرسيدي، إن الاعتراض لا يتعلق بشخص النائب بل بـ”التيار الذي يمثله”، مشدداً على أن الحزب “دفع ثمناً سياسياً منذ التسعينيات بسبب مواقفه الرافضة لتغلغل الفكر الديني في الدولة”. وأوضح أن المقارنة بين تعيين عسلاوي وبلخير “في غير محلها”، إذ إن الأولى مستقلة وعُينت بمرسوم رئاسي، بينما الثاني يمثل تياراً يسعى لتوظيف المدرسة لخدمة أجندات إيديولوجية.
عودة التجاذب الإيديولوجي إلى الواجهة
يعكس هذا الجدل المتصاعد استمرار الانقسام الإيديولوجي بين التيارين العلماني والإسلامي في الجزائر، وسط تحولات سياسية ومؤسساتية عرفتها البلاد خلال العقود الأخيرة. غير أن ملفات محورية مثل الهوية، والدين، والتعليم، لا تزال تشكل نقاط خلاف بارزة بين الأحزاب، في مشهد يعيد إلى الأذهان أجواء التجاذب التي طبعت تسعينيات القرن الماضي.
نسرين ج



تعليقات