الجزائر بين الريع واللامساواة : كيف تعمقت الفوارق الاجتماعية منذ 2013؟
- cfda47
- 8 يوليو
- 2 دقيقة قراءة

منذ عام 2013، تشهد الجزائر تحوّلات اجتماعية عميقة، تكشف عن واقع جديد يفرض نفسه على تركيبة المجتمع. فالفوارق الاجتماعية التي كانت تُدار ضمن حدود، أصبحت الآن أكثر وضوحًا، نتيجة السياسات الاقتصادية واختلال توزيع الثروة، كما تظهره بيانات قاعدة اللامساواة العالمية (WID).
بحسب مؤشر جيني، الجزائر تُصنّف ضمن الدول ذات الفوارق الاجتماعية المتوسطة، لكن نسبة إنفاق أغنى 20% من السكان تصل إلى 40% من إجمالي الإنفاق الاستهلاكي، وهو رقم مرتفع مقارنة بالمعدل العالمي. هذه الفوارق لا تقتصر على الدخل فقط، بل تشمل أيضًا الوصول إلى التعليم، الصحة، والسكن، مما يخلق تفاوتًا في فرص الحياة بين الفئات المختلفة.
واقع اجتماعي متغيّر
تشير الأرقام إلى زيادة حادة في نسبة الإنفاق لدى الطبقات الغنية مقارنةً بالطبقات الفقيرة، ما يبرز خللًا في العدالة الاقتصادية. هذا الخلل لا يقتصر على الدخل فحسب، بل يشمل التعليم، السكن، وفرص العمل، خاصة بين الشباب الذين يعانون من بطالة مزمنة وهشاشة اجتماعية.
السياسات الاقتصادية: بين الريع والرقمنة
بعد انخفاض أسعار النفط في الثمانينيات، تبنّت الجزائر إصلاحات اقتصادية تحت إشراف صندوق النقد الدولي، ما أدى إلى تراجع دور الدولة في التوزيع الاجتماعي. فرغم تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية، إلا أن هذه السياسات خلقت بطالة واسعة، عمل هش، وتفاوت في الأجور بين القطاعين العام والخاص.
الريع النفطي ظل المصدر الأساسي للتمويل، مما جعل العدالة الاجتماعية رهينة لتقلبات السوق العالمية.
ورغم الجهود الحكومية نحو إصلاحات اقتصادية، إلا أن الاعتماد على الريع النفطي بقي سائدًا، مما جعل الاقتصاد عرضة لتقلبات السوق العالمية. في المقابل، أطلقت الجزائر مشاريع رقمية وأخرى لدعم المقاولات الصغيرة، إلا أن نتائجها لم تُحدث بعد تحولًا جذريًا في هيكل المجتمع.
الطبقة الوسطى في مفترق الطرق
ظهرت طبقة برجوازية صغيرة استفادت من برامج التمويل، بينما بقيت الطبقة العاملة تعاني من هشاشة العمل، خاصة في القطاع الخاص. فالشباب العاطل عن العمل، خصوصًا من لم يسبق له العمل، يُعد من أكثر الفئات تهميشًا، وغالبًا ما يكون في طليعة الاحتجاجات الاجتماعية.
لقد كانت الطبقة الوسطى تشكّل عماد الاستقرار المجتمعي، إلا أنها اليوم تتآكل تدريجيًا، بفعل ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية. هذا التراجع يهدد السلم الاجتماعي ويثير تساؤلات حول قدرة السياسات الحالية على معالجة التفاوت المتزايد.
العدالة الاجتماعية: خيار أم ضرورة؟
في ظل هذا المشهد، تتعاظم الحاجة إلى إعادة التفكير في السياسات الاجتماعية، ليس فقط لضمان الإنصاف، بل أيضًا لتعزيز الثقة بين المواطن والدولة. العدالة الاجتماعية لم تعد خيارًا، بل ضرورة لتحقيق استقرار طويل الأمد، في بلد يسير على حافة التحولات السياسية والاقتصادية.

فهل يمكن للجزائر أن تنتقل من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج للثروة؟
وكيف يمكن إعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة في ظل هذا التفاوت؟
وهل تستطيع السياسات الاجتماعية الحالية أن تضمن تكافؤ الفرص والاستقرار المجتمعي؟
حكيم ش
Comments