الجزائر: معاناة عائلات المساجين ووزارة العدل توضح
- cfda47
- قبل 4 أيام
- 2 دقيقة قراءة
تاريخ التحديث: قبل 5 ساعات

لا تزال معاناة عائلات المساجين في الجزائر تشكّل أحد الجوانب الإنسانية المؤلمة التي ترافق مسار العدالة، حيث تواجه العديد من الأسر صعوبات جمّة في زيارة ذويها داخل المؤسسات العقابية، خاصة عندما تكون هذه المؤسسات بعيدة عن مقرّ إقامة العائلة. فبين مشقة التنقل، وارتفاع تكاليف السفر، وطول الإجراءات الإدارية، يعيش هؤلاء الأهالي رحلة معاناة تتكرر مع كل زيارة، يغذيها الحنين والواجب العائلي تجاه أبنائهم خلف القضبان.
الزيارات العائلية: بين البعد الجغرافي والإكراهات الاجتماعية
تضطر الكثير من العائلات إلى قطع مئات الكيلومترات للوصول إلى السجون الواقعة في ولايات نائية، ما يجعل الزيارة حدثًا نادرًا ومكلفًا ماديًا ونفسيًا. وتروي بعض الأسر كيف أن رحلة الزيارة تتحول إلى معاناة يوم كامل، تبدأ قبل الفجر وتنتهي بعد المغيب، فقط من أجل دقائق معدودة يقضونها مع أحبائهم عبر الزجاج. هذا الواقع دفع السلطات إلى التفكير في حلول لتخفيف هذه المعاناة وتعزيز الروابط الأسرية للمحبوسين.
تحويل أكثر من 1600 محبوس في إطار التقارب العائلي
وفي هذا الإطار، كشف وزير العدل، حافظ الأختام، السيد لطفي بوجمعة، يوم الخميس 9 أكتوبر 2025، عن تحويل أكثر من 1600 محبوس خلال السنة الجارية، في إطار ما سماه بـ”التقارب العائلي”، وذلك لتقريب المحبوسين من عائلاتهم وتسهيل زياراتهم. وأوضح الوزير، خلال جلسة علنية بالمجلس الشعبي الوطني، أن هذا الإجراء يأتي رغم الصعوبات المرتبطة بتوزيع النزلاء وفق معايير متعددة، من بينها الطاقة الاستيعابية للمؤسسات العقابية، والوضعية القانونية للمحبوسين، وخطورة الأفعال المرتكبة.
وأكد بوجمعة أن هذا التحويل يندرج ضمن سياسة إنسانية تراعي البعد الاجتماعي، إذ تهدف إلى “الحفاظ على الروابط العائلية التي تُعدّ ركيزة أساسية في إعادة إدماج المحبوسين بعد الإفراج عنهم”.
الزيارات عن بعد: تجربة جديدة لتخفيف المعاناة
ومن بين الإجراءات المستحدثة أيضًا، تحدث الوزير عن آلية الزيارة عن بعد، التي طُبقت خصوصًا في ولايات الجنوب، حيث تتنقل العائلات إلى مقرات المحاكم بعد حصولها على “رخصة إلكترونية” لإجراء محادثة مرئية مع ذويها المسجونين. وقد تم تسجيل 1417 زيارة عن بعد بين 20 مارس و20 سبتمبر 2025، وهو رقم يعكس نجاح التجربة وتجاوب العائلات معها. وأكد الوزير أن القطاع يسعى إلى تعميم هذا النظام لتقليل المشاق التي تعانيها الأسر، خاصة في المناطق البعيدة.
كما أشار إلى أن الفترة الممتدة بين يناير وأغسطس 2025 شهدت إجراء أكثر من 146 ألف مكالمة هاتفية بين المساجين وذويهم، وهو ما يعكس حرص الإدارة على إبقاء قنوات التواصل مفتوحة رغم القيود الأمنية.
نحو عدالة إنسانية وإدماج فعّال
وفي ختام مداخلته، شدد وزير العدل على أن الهدف الأسمى من هذه الإجراءات هو تحقيق عدالة إنسانية تُوازن بين مقتضيات الأمن ومتطلبات الكرامة الإنسانية. كما أبرز الجهود المبذولة في مجال إعادة إدماج المحبوسين، سواء من خلال تكوينهم المهني أو دعمهم بعد الإفراج بقروض مصغّرة تساعدهم على بناء حياة جديدة بعيدًا عن الجريمة.
هكذا، تبقى معاناة عائلات المساجين مرآةً لمدى إنسانية العدالة، واختبارًا حقيقيًا لسياسات الدولة في الجمع بين الانضباط القانوني والرحمة الاجتماعية، في سبيل مجتمع أكثر تماسكًا وعدلاً.
نسرين ج
تعليقات