top of page

الندوة الريفية : هل الجزائر تدافع عن الحقوق أم تُوظفها سياسيًا؟

  • cfda47
  • 24 يوليو
  • 2 دقيقة قراءة

ree

في خطوة مثيرة للجدل، شهدت العاصمة الجزائرية يوم 20 يوليو 2025 تنظيم ندوة دولية من طرف ما يُعرف بـ"الحزب الوطني الريفي"، بالتنسيق مع "المرصد الريفي لحقوق الإنسان". الندوة جمعت سياسيين وحقوقيين وإعلاميين من داخل الجزائر وخارجها، ورفعت شعارات تطالب بانفصال منطقة الريف شمال المغرب، معتبرين أن المغرب "يحتل المنطقة منذ سنة 1956"، حسب تعبيرهم. ورغم أن هذا الحزب الانفصالي لا يحظى باعتراف دولي، إلا أن ما يثير التساؤلات هو موقف الجزائر الرسمي أو الضمني من استضافة مثل هذه النشاطات التي تمس بسيادة دولة جارة.


في الوقت الذي فتحت فيه الجزائر أبوابها لندوة دولية حول "وضعية حقوق الإنسان في الريف المحتل"، بدا المشهد السياسي وكأنه مشهد من مسرح العبث؛ إذ استضافت من يعتبرهم المغرب انفصاليين، في محاولة لتسليط الضوء على ما يُوصف بـ"جرائم النظام المغربي" ضد الريفيين. غير أن هذه المبادرة، التي توحي بالحرص على قيم العدالة والحرية، تثير تساؤلاً أخلاقياً جوهرياً: هل يحق لدولة تواجه انتقادات متكررة لانتهاك حقوق مواطنيها أن تتحدث باسم شعب آخر؟


ازدواجية الخطاب الحقوقي: هل يحق للجزائر محاسبة المغرب؟


ففي الجزائر، لا تزال الحريات العامة تحت الضغط، والصحافة تقاوم رقابة صارمة، والنشطاء يُواجهون محاكمات بتهم مبهمة. كيف يُفهم أن تُدين الحكومة الجزائرية المغرب، بينما تُمارس أساليب قمع مشابهة داخل أراضيها؟


إن الدفاع عن حقوق الإنسان لا يجب أن يكون انتقائياً ولا مرهوناً بالمكاسب الجيوسياسية. فالمصداقية الحقيقية تبدأ من الداخل: من حماية المواطن الجزائري، من احترام الحريات، ومن معالجة الجراح الوطنية قبل الحديث عن "تقرير المصير" لشعب آخر.


لا يمكن لمن ينتهك حقوق مواطنيه أن يقدم نفسه كمدافع عن الشعوب المضطهدة. وإذا كان الريف المغربي يحتاج إلى صوت حر، فإنه يحتاج أولاً إلى من لا يُكمّم أفواه أبناء بلده.


فمن حق أي جهة أن تنظم فعالية سياسية، لكن من واجب الدول أن تراعي حساسيات الجوار، خصوصًا حين تكون المنطقة المعنية بذلك الجوار تحت السيادة المعترف بها دوليًا، وحين تكون العلاقات الثنائية أصلاً في حالة جمود أو توتر.


الجزائر والندوة الريفية : هل نخدم قضايانا أم نزيد من التوترات ؟


إن ما حدث في الجزائر لا يمكن اعتباره مجرد "فعالية ثقافية" أو "حرية تعبير". بل هو رسالة سياسية مشحونة، تحمل في طياتها رمزية التصعيد والتأزيم. وقد سبق للمغرب نفسه أن دان هذا النشاط، معتبرًا أنه استفزاز مباشر لوحدته الترابية.


لكن السؤال الذي يجب أن نطرحه كجزائريين هو: ما علاقتنا بهذا النزاع؟ وما مصلحتنا في التدخل فيه؟ بل لماذا نفتح أرضنا لمنابر انفصالية في وقت نحن بأمسّ الحاجة إلى فتح منابر الحوار مع الجوار، وفي مقدمتهم المغرب؟


صحيح أن هناك تاريخًا معقدًا بين البلدين، وصحيح أن الملفات العالقة كثيرة، لكن الصحيح أيضًا أن الحتمية الجغرافية والتاريخية تفرض علينا التعايش والتفاهم، لا التعنت والتصعيد.


فالمغرب سيظل جارًا لنا إلى الأبد، ولن تختفي حدوده مع مرور الزمن. وحين نكون مستعدين لنقاش الخلافات، سنحتاج إلى أرضية صلبة من الاحترام، لا إلى تراكمات من التوترات الرمزية.


الغريب أن بعض الجزائريين لا يجدون غضاضة في الدعوة إلى إعادة العلاقات مع فرنسا، ولا يقبلون مجرد الحديث عن تهدئة مع المغرب! فهل بات التاريخ يُقرأ بانتقائية؟ أم أن الخلاف مع المغرب أعمق من السياسة؟


في النهاية، السلام لا يُبنى بالشعارات ولا بالاستفزازات، بل بالإرادة والاحترام.


حكيم ش

تعليقات

تم التقييم بـ 0 من أصل 5 نجوم.
لا توجد تقييمات حتى الآن

إضافة تقييم
bottom of page