بعد خمسة عشر عامًا من المعارك القضائية : كندا تُرَحِّل يحيى مداح إلى الجزائر
- cfda47
- قبل يومين
- 2 دقيقة قراءة

بعد خمسة عشر عامًا من معارك قضائية متواصلة، أنهت السلطات الكندية يوم 14 نوفمبر الجاري ملف الجزائري يحيى مداح بترحيله إلى الجزائر، بعد أن خسر آخر محاولة قانونية أمام المحكمة الفيدرالية لوقف القرار. مداح، البالغ من العمر 54 عامًا، ظلّ منذ مطلع الألفية محورًا لقضية معقدة تتداخل فيها أبعاد قانونية وأمنية وسياسية، جعلت منه أحد أبرز الملفات المثيرة للجدل في كندا.
القضية بدأت مع استقرار مداح في كندا، حيث واجه منذ سنوات طويلة ملاحقات قضائية متكررة، بعضها مرتبط بمخالفات قانونية وأخرى ذات طابع أمني. ورغم محاولاته المتكررة للاستفادة من الثغرات القانونية، ظلّ تحت مراقبة وكالة الخدمات الحدودية الكندية التي اعتبرت وجوده خطرًا على النظام العام.
في صيف 2024، أثار مداح جدلًا واسعًا حين نصب لافتات تحمل صلبانًا معقوفة أمام منزله احتجاجًا على قطع الكهرباء عنه، وهو ما زاد من حدة الانتقادات ضده وأعاد ملفه إلى واجهة النقاش العام.
قرار الترحيل جاء بعد أن رفضت المحكمة الفيدرالية في 13 نوفمبر طلبه الأخير بوقف التنفيذ، ليتم ترحيله في اليوم التالي على متن رحلة مباشرة إلى الجزائر. النائب الفيدرالي سيمون-بيار سافار-تريمبلاي أكد تنفيذ القرار، مشيرًا إلى أن القضية تمثل مثالًا على إصرار الدولة على فرض سيادتها القانونية رغم طول المدة وتعقيدات الملف.
ترحيل مداح لا يمكن عزله عن السياق الأوسع للعلاقات بين الجزائر والدول الغربية، خاصة فرنسا وكندا، حيث تتزايد الضغوط على الجزائر لاستقبال مواطنيها الذين تعتبرهم هذه الدول “خطيرين” أو غير مرغوب فيهم. ففي مارس 2025، أعلنت باريس أنها ستقدّم للجزائر قائمة بمئات الأشخاص المطلوب ترحيلهم، وهو ما يضع قضية مداح ضمن دينامية سياسية أوسع تتعلق بالهجرة والأمن والسيادة.
القضية تطرح أسئلة عميقة حول حدود العدالة في ملفات الهجرة، وحول التوازن بين حماية الحقوق الفردية وضمان الأمن العام. كما أنها تعكس هشاشة وضع المهاجرين الذين يظلون عالقين بين أنظمة قانونية معقدة وضغوط سياسية متزايدة. بالنسبة للجزائر، استقبال مداح يضيف إلى سلسلة من الملفات التي تضعها أمام مسؤولية التعامل مع مواطنيها المرحّلين في ظروف مثيرة للجدل، بينما بالنسبة لكندا، يمثل الترحيل إغلاقًا لملف استنزف موارد قضائية وإدارية على مدى سنوات طويلة.
بهذا الترحيل، ينتهي فصل طويل من المد والجزر، لكنه يفتح في الوقت نفسه نقاشًا جديدًا حول سياسات الهجرة والترحيل، وحول كيفية تعامل الدول مع الأفراد الذين يقفون على تخوم القانون والسياسة، بين حقهم في الحماية وواجب الدولة في فرض النظام.
حاج إبراهيم



تعليقات