ًهيومن رايتس ووتش: "السلطات الجزائرية تستعمل المنع من السفر إنتقاماً من الأصوات الناقدة"
- cfda47
- 6 فبراير
- 3 دقيقة قراءة

قالت اليوم الخميس، كل من منظمتي "هيومن رايتس ووتش" و"منّا لحقوق الإنسان"، إن السلطات الجزائرية، تستخدم و بشكل متزايد قرارات المنع من السفر التعسفي للانتقام من الأصوات الناقدة، مضيفتان أنه ينبغي على السلطات رفع المنع التعسفي والتوقف عن استخدامه لقمع المعارضة.
وذكر بيان المنظمتين، أن السلطات الجزائرية استخدمت منع السفر تعسفياً لاستهداف نشطاء المجتمع المدني، وقادة أحزاب المعارضة، والصحفيين، وأنصار النقابات وغيرهم ممن يُعتبرون منتقدين للحكومة.
حيث بات يفرض المنع التعسفي دون إشعار رسمي، وغالبا يكون غير محدود المدة، ويكاد يكون من المستحيل الطعن فيه. يمنع هذا الإجراء الناس من مغادرة البلاد، وينتهك حقهم في حرية التنقل، ويقوّض الحق في حرية تكوين الجمعيات والتجمع والتعبير. في بعض الحالات، أدى المنع إلى تشتيت الأسر أو التأثير على عمل المستهدَفين وصحتهم النفسية.
وقال بسام خواجا، نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "منع السفر هذا هو جزء من حملة أوسع تشمل المضايقة المستمرة لمنتقدي الحكومة بهدف إسكات المعارضة والقضاء على الفضاء المدني. حتى الذين أدينوا ظلما بتهم وقضوا فترات عقوبتهم، أو تمت تبرئتهم، ما زالوا يواجهون إجراءات عقابية تحرمهم من حقهم في حرية التنقل".
ووثّقت هويمن رايتس ووتش و منا لحقوق الإنسان، 23 حالة لمواطنين جزائريين خاضعين لمنع السفر، وهو نمط تصاعد منذ العام 2022.
وقال محامون للمنظمتين، إن المنع في معظم هذه الحالات إما فُرض تعسفا من قبل قوات الأمن دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، أو أمرت به النيابة العامة. إلا أنه حتى عندما يُفرض بأمر من النيابة العامة، فإنه غالبا ما ينتهك المتطلبات القانونية الجزائرية ويتعارض مع المعايير الدولية لحرية التنقل.
وتكفل المادة 49 من الدستور الجزائري، حرية التنقل و"حق الدخول إلى التراب الوطني والخروج منه" لكل مواطن. لا يجوز فرض أي قيد على هذا الحق "إلا لمدة محددة وبموجب قرار مبرر من السلطة القضائية". تنص المادة 36 مكرر 1 من الأمر رقم 15-02 لسنة 2015 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه "يمكن وكيل الجمهورية لضرورة التحريات، وبناء على تقرير مسبب من ضابط الشرطة القضائية، أن يأمر بمنع كل شخص توجد ضده دلائل ترجح ضلوعه في جناية أو جنحة من مغادرة التراب الوطني".
بموجب القانون، تقتصر مدة منع السفر على ثلاثة أشهر ولا يمكن تجديدها إلا مرة واحدة، باستثناء جرائم الإرهاب أو الفساد حيث يمكن تجديدها حتى انتهاء التحقيق. كما أن وكيل الجمهورية مسؤول عن رفع منع السفر. مع ذلك، وجدت هيومن رايتس ووتش ومنّا لحقوق الإنسان أنه في كثير من الحالات فرضت السلطات منع سفر تعسفي دون الامتثال للمهلة القانونية.
في كثير من الحالات، لم تقدم السلطات إخطارا رسميا أو أساسا قانونيا لقيود السفر، ما يجعل الطعن فيها أمام المحكمة أمرا صعبا أو مستحيلا. لم يعلم بعض الأشخاص بمنع السفر إلا عندما حاولوا السفر إلى الخارج.
من بين الحالات الـ 23 الموثقة، لم يُبلّغ أي شخص بالأساس القانوني لمنع سفره. حتى عندما تم تقديم إخطار رسمي، نادرا ما احتُرمت المدة القانونية، حيث مُنع بعض الأشخاص من السفر لسنوات دون مبرر. مُنع آخرون من السفر حتى عندما قيل لهم إنهم ليسوا خاضعين لمنع السفر أو تلقوا حكما قضائيا بإلغاء المنع.
وأجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع خمسة منتقدين للحكومة كانوا تحت منع السفر الرسمي لأكثر من عامين.
وتلقى الخمسة جميعا استدعاء من الشرطة في ولاية بجاية بين أواخر 2022 وأوائل 2023 وأُبلِغوا بمنع السفر الذي أمر به وكيل الجمهورية في ولاية بجاية. وصادرت الشرطة جوازات السفر في أربع من هذه الحالات. في الحالة الخامسة، لم يتمكن الشخص من تجديد جواز سفره بسبب نشاطه السلمي.
بعد ثلاثة أشهر، استُدعي أربعة من النشطاء مرة أخرى وأخطِروا بتمديد منع سفرهم، لكن لم يكن قد تلقّى أي منهم منذ ذلك الحين إشعارا بتجديد منعهم أو رفعه حتى وقت كتابة هذا التقرير.
وقالت المنظمتان أنه ينبغي على السلطات الجزائرية التوقف عن استخدام منع السفر التعسفي للانتقام من المنتقدين والنشطاء المفترضين، ورفع كل حالات المنع الحالي المفروضة على الذين يمارسون حقوقهم الأساسية في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي.
مضيفتًا انه ينبغي للسلطات الجزائرية التوقف عن فرض منع السفر خارج إطار القانون والإجراءات الرسمية، وإخطار الأشخاص الممنوعين من السفر على النحو الواجب، وضمان عدم امتداد أي منع بعد الفترة المسموح بها بموجب القانون، وإلزام صناع القرار بإظهار مبررات كافية وأساس قانوني لفرض منع السفر وتجديده، وتوفير سبيل للاستئناف.
كما انه ينبغي ألا يصدر منع السفر إلا بأمر قضائي، وألا يُترك لاستنساب النيابة العامة وقوات الأمن. وينبغي للسلطات التشريعية تعديل المادة 36 مكرر 1 من الأمر 15-02 لتتماشى مع المعايير الدولية بشأن حرية التنقل.
وكتبت هيومن رايتس ووتش ومنّا لحقوق الإنسان إلى وزارة العدل في 19 ديسمبر من العام المنصرم لطلب معلومات حول استخدام منع السفر، لكنهما لم تتلقيا ردا حتى وقت كتابة هذا التقرير.
حكيم. ش



تعليقات