وكالة الإشهار في قفص الاتهام : حين يُحاكم الإعلام الرسمي على ماضيه
- cfda47
- قبل 4 دقائق
- 2 دقيقة قراءة

في مشهد قضائي يعكس تحولات عميقة في الجزائر ما بعد الحراك، التمست النيابة العامة عقوبات ثقيلة ضد ثلاثة من أبرز مسؤولي قطاع الاتصال: الوزير الأسبق جمال كعوان (10 سنوات)، الوزير السابق حميد قرين (6 سنوات)، ومدير عام وكالة النشر والإشهار ANEP أمين شكيير (10 سنوات). التهم تتعلق بسوء التسيير، تبديد المال العام، ومنح امتيازات غير مبررة في توزيع الإشهار العمومي.
لكن خلف الأرقام والاتهامات، تبرز أسئلة أكثر عمقًا: هل نحاكم الأشخاص أم المنظومة؟ وهل تكفي العقوبات القضائية لفك الارتباط بين الإعلام الرسمي والولاء السياسي؟
الإشهار العمومي: أداة ولاء أم خدمة عمومية؟
لطالما شكّل الإشهار العمومي في الجزائر أداة للضبط السياسي، حيث يُكافأ الإعلام الموالي ويُقصى المستقل. وكالة ANEP، التي يفترض أن تكون ذراعًا اقتصادية لدعم الصحافة، تحولت في فترات طويلة إلى أداة للرقابة الناعمة، تُوزّع الإعلانات وفق الولاء لا وفق المهنية أو الانتشار.
الملف القضائي الحالي يكشف عن اختلالات في منح الإشهار، وتجاوزات في التسيير، لكن لا يُناقش البنية القانونية والسياسية التي سمحت بهذه الممارسات. فهل يُمكن إصلاح القطاع دون مراجعة فلسفة الإشهار العمومي نفسها؟
وزراء في قفص الاتهام: رمزية المحاسبة أم بداية التغيير؟
محاكمة وزيري الاتصال السابقين تحمل رمزية قوية: إنها أول مرة يُحاسب فيها مسؤولون عن إدارة الإعلام الرسمي، لا فقط عن ملفات مالية، بل عن خيارات سياسية أثّرت في حرية التعبير. لكنها أيضًا تطرح سؤالًا مؤلمًا: أين كانت الرقابة حين كانت هذه الممارسات تجري؟ ولماذا يُحاسب الأفراد بعد زوالهم من السلطة، لا أثناء ممارستهم لها؟
نحو إعلام مستقل؟ أم إعادة تدوير الولاء؟
في ظل هذه المحاكمات، يُنتظر من الدولة أن تعيد النظر في علاقة الإعلام بالسلطة، وفي آليات دعم الصحافة. المطلوب ليس فقط محاسبة من أساء التسيير، بل بناء منظومة تضمن توزيعًا عادلاً للإشهار، وتحرر الإعلام من منطق الولاء السياسي.
فالإصلاح الحقيقي يبدأ حين يُصبح الإشهار العمومي أداة لدعم الجودة والمهنية، لا وسيلة للضبط والابتزاز.
نسرين ج
تعليقات