إعادة سجن يحيى سماش مجددًا: حلقة جديدة من مسلسل التضييق

في تطور صادم أثار جدلاً واسعاً في أوساط الحقوقيين والمتابعين للشأن العام في الجزائر، أعيد يوم الخميس 24 جويلية 2025، معتقل الرأي يحيى سماش إلى السجن مجدداً، بعد محاكمة جديدة أُدين فيها بـسنتين حبسًا نافذًا، مع الإيداع الفوري في الجلسة، وذلك بعد يومين فقط من خروجه من السجن.

المفارقة أن هذا التطور جاء مباشرة بعد الإفراج عليه ، بعد قضاء محكوميته وبعد قرار قرار الغرفة الجزائية لدى مجلس قضاء البويرة القاضي بتخفيض الحكم السابق ضد يحيى سماش من 18 شهراً إلى 6 أشهر حبساً نافذاً، ما أدى إلى الإفراج عنه بعد قضائه مدة الحكم المعدلة.

لكن فرحة الحرية لم تدم طويلاً، إذ تم استدعاؤه لمحاكمة جديدة في قضية أخرى لم تتضح بعد تفاصيلها بالكامل، وانتهت بإدانته مجدداً وسجنه من جديد، في مشهد وصفه البعض بـ”الممنهج” لكسر الأصوات الناقدة والمستقلة.

ردود فعل واستنكار

أثار هذا الإجراء استياءً واسعاً في الأوساط الحقوقية، حيث وصف المحامي والناشط الحقوقي عيد الغني بادي عبر منشور له على صفحته الرسمية ما حدث بأنه “اعتقال جديد في ظرف قياسي”، متسائلًا عن دور القضاء في ملاحقة الأصوات الحرة بدل حمايتها.

العديد من التعليقات رأت في تكرار الملاحقات القضائية ضد سماش وغيره من معتقلي الرأي محاولة لإطالة فترة العقاب خارج الإطار القانوني والإنساني، وذلك من خلال فتح ملفات متعددة تباعاً، لضمان استمرار سلب الحرية.

حرية التعبير في الميزان

تأتي قضية يحيى سماش في سياق متصاعد من تقييد الحريات وارتفاع عدد معتقلي الرأي في الجزائر، رغم الدعوات الدولية للإفراج عنهم وضمان الحق في التعبير والتظاهر السلمي.

في حين تؤكد السلطات أن الإجراءات القضائية تتم في إطار القانون، يرى حقوقيون أن التكييفات القانونية للتهم، خصوصًا تلك المتعلقة بـ”التحريض” أو “المساس بالمصلحة الوطنية”، غالبًا ما تُستخدم لتبرير التضييق على المعارضين أو الناشطين.

إن إعادة سجن يحيى سماش بهذه السرعة، بعد الإفراج عنه بأيام قليلة، لا يمكن فصلها عن السياق السياسي العام في الجزائر، حيث تتقاطع السلطة القضائية بشكل مقلق مع الحسابات الأمنية والسياسية.

ويبقى السؤال مطروحًا: إلى متى سيظل معتقلو الرأي يدفعون ثمن كلماتهم، بينما تُعطّل القوانين التي يفترض أن تحميهم؟

نسرين ج