الجزائر : قانون الأحزاب… إصلاح أم وصاية جديدة على التعددية ؟
- cfda47
- قبل يومين
- 1 دقيقة قراءة

تعود السلطة الجزائرية إلى مشروع قانون الأحزاب وكأنها تريد إعادة كتابة تاريخ التعددية من جديد، لكن هذه المرة بمنطق الضبط والرقابة أكثر من منطق الحرية والتنظيم. النص الذي يُعرض على البرلمان في ديسمبر لا يخفي نواياه: محاربة ما يسمى “التجوال السياسي”، تحديد العهدات، مراقبة التمويل، وحل الأحزاب غير النشطة. كلها إجراءات تبدو في ظاهرها إصلاحية، لكنها في جوهرها تعكس إرادة السلطة في التحكم في المشهد الحزبي وإعادة هندسته وفق مقاسها.
منذ دستور 1989، شكلت التعددية الحزبية أحد أبرز مكاسب الجزائريين، رغم كل ما شابها من فوضى وانقسامات. اليوم، بدل أن يُطرح النقاش حول كيفية تعزيز دور الأحزاب كقوة اقتراح ومراقبة، يُعاد فتح ملفها من زاوية إدارية ضيقة، تمنح وزارة الداخلية صلاحيات واسعة وتضع الأحزاب تحت وصاية السلطة التنفيذية. هذا التوجه يهدد بتحويل الأحزاب إلى مجرد هياكل شكلية، فاقدة للاستقلالية، ومحرومة من دورها الدستوري كوسيط بين المجتمع والدولة.
المفارقة أن الخطاب الرسمي يتحدث عن “تنشيط الساحة السياسية”، بينما الواقع يكشف عن نزعة لإقصاء التشكيلات الصغيرة، ومعاقبة المعارضة، وتكريس هيمنة أحزاب الموالاة. إن منع التجوال السياسي أو تحديد العهدات قد يبدو منطقياً، لكن حين يُقر في سياق يفتقر إلى ضمانات استقلالية، يصبح مجرد أداة إضافية لتقييد الحرية السياسية.
القانون الجديد ليس مجرد نص تنظيمي، بل هو اختبار حقيقي لمدى احترام الدولة لروح التعددية التي ناضل الجزائريون من أجلها. فإذا كان الهدف فعلاً هو إصلاح الحياة السياسية، فإن الطريق لا يمر عبر التضييق، بل عبر فتح المجال أمام الأحزاب لتلعب دورها الكامل في الرقابة والاقتراح، بعيداً عن الوصاية الإدارية. وإلا فإننا سنكون أمام خطوة أخرى في مسار تراجع مكتسبات الديمقراطية، حيث تُستبدل الحرية بالرقابة، والتعددية بالتحكم، والذاكرة السياسية بالوصاية.
حكيم ش



تعليقات