الجزائر وأسطورة التحرر الاقتصادي : ما الذي يُخفيه الخطاب الرسمي؟
- cfda47
- 19 يوليو
- 2 دقيقة قراءة

في خطاب رسمي يعكس مؤشرات إيجابية، أعلن الرئيس عبد المجيد تبون أن احتياطي النقد الأجنبي للجزائر بلغ 70 مليار دولار، مع تسجيل نمو اقتصادي بنسبة 4٪ وانخفاض التضخم إلى نفس النسبة. هذه الأرقام، وإن كانت مبعثًا للأمل، تطرح تساؤلات عميقة حول مدى صلابة الأساس الذي ترتكز عليه، خصوصًا مع استمرار هيمنة قطاع المحروقات على الاقتصاد الوطني. ويُجمع المتخصصون أن الانتقال نحو اقتصاد منتج يتطلب إصلاحات هيكلية أكثر جرأة، تشمل القضاء على الفساد، تطوير البنية التحتية الرقمية، وتفعيل دور الشباب في منظومة الابتكار.
ما يغيب عن هذا المشهد المشرق هو السياق الهيكلي المعقد الذي يواجهه الاقتصاد الجزائري. فواقع الحال يكشف أن هذه المكاسب المالية تبقى رهينة انتعاش أسعار الطاقة، وليس نتيجة لعملية إنتاجية متنوعة ومستدامة. ووفقًا لعدد من الخبراء، فإن تحقيق التوازن المالي دون تنويع الاقتصاد، يُبقي الجزائر في دائرة "الريع المُقَنّع"، ويجعلها عرضة للتقلبات الدولية.
رغم محاولات الحكومة تعزيز الإنتاج المحلي وزيادة الصادرات غير النفطية التي بلغت 7 مليارات دولار، يظل الطريق نحو "اقتصاد منتج" محفوفًا بالتحديات. ضعف الاستثمارات الخاصة، بيروقراطية متجذّرة، غياب الشفافية، وبنية مصرفية وإدارية تحتاج إلى إصلاح جذري—كلها عناصر تُبطئ وتيرة التحول المأمول.
أكثر ما يدعو للقلق هو بطالة الشباب التي تجاوزت 15٪، وغياب السياسات الفعّالة لاستثمار هذه الطاقات في الابتكار وريادة الأعمال. بالإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية نتيجة الاعتماد على الاستيراد يؤكد هشاشة المنظومة الإنتاجية المحلية.
وفي الوقت الذي تُبدي فيه الحكومة نية للانفتاح الاقتصادي وتحسين بيئة الأعمال، تظل النتائج على الأرض دون مستوى الطموحات. فالإصلاح لا يكون بسنّ القوانين وحدها، بل بتغيير العقليات، ومحاربة الفساد، وتطوير الرقمنة، وتمكين الجيل الصاعد من أن يكون شريكًا في رسم السياسات لا مجرد متلقيًا لها.
رغم التعديلات التي طرأت على قانون الاستثمار، لا يزال مناخ الأعمال يعاني من البيروقراطية، غياب الشفافية، وتعقيدات إدارية تحد من جذب الاستثمارات، سواء المحلية أو الأجنبية.
ورغم هذه التحديات، أطلقت السلطات سلسلة من الإصلاحات تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتحسين بيئة الأعمال. إلا أن نجاح هذه المبادرات يعتمد على مدى التزام الدولة بالإصلاح الجذري، والقدرة على إشراك القوى الشبابية والابتكارية في رسم مستقبل اقتصادي أكثر استدامة.
الجزائر أمام فرصة تاريخية، فإما أن تستثمر مكاسبها الحالية في بناء اقتصاد أكثر تنوعًا ومتانة، أو تظل معلقة بين الأرقام المطمئنة والخطابات الطموحة، دون قدرة حقيقية على التحرر من اقتصاد الريع.
حاج إبراهيم



تعليقات