top of page

تحكيم أوروبي ضد الجزائر: نزاع قانوني أم اختبار للشراكة ؟

  • cfda47
  • 17 يوليو
  • 2 دقيقة قراءة
ree

في تطور لافت للعلاقات الجزائرية الأوروبية، أعلنت المفوضية الأوروبية في 16 جويلية 2025 عن تفعيل آلية التحكيم المنصوص عليها في اتفاق الشراكة مع الجزائر، احتجاجًا على ما اعتبرته قيودًا جزائرية مفروضة على التجارة والاستثمار منذ 2021، تشمل نظام رخص الاستيراد، حظر بعض المنتجات، وتقييد شروط نشاط الشركات الأجنبية. خطوة وصفها الجانب الجزائري بالمفاجئة والأحادية، رغم الجولات التشاورية السابقة.


وفي أول رد رسمي، وجّه وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف رسالة إلى كايا كالاس، الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي، عبّر فيها عن استغراب الجزائر من هذا القرار الذي اعتبره متسرعًا ولا يعكس روح الشراكة والتعاون المنصوص عليها في الاتفاق، خاصة وأنه جاء بعد مشاورات قصيرة الزمن، رغم التقدم الملحوظ في عدد من الملفات الخلافية. وأكد عطاف أن بلاده قدمت مقترحات ملموسة لمعالجة النقاط العالقة، لكنها لم تتلقَّ ردًا رسميًا من بروكسل.


وشدّد الوزير على أن إنهاء المشاورات بشكل أحادي يتناقض مع المادتين 92 و100 من الاتفاق، ملوّحًا إلى أن غياب مجلس الشراكة –الهيئة المخولة قانونًا للفصل في مثل هذه القضايا– لأكثر من خمس سنوات، لا يبرّر لجوء الاتحاد إلى خطوات منفردة. ودعا في المقابل إلى عقد اجتماع عاجل لهذا المجلس لإجراء تقييم شامل لمسار التعاون الثنائي، في إطار احترام الآليات القانونية والمؤسساتية.

من جانبه، اعتبر النائب البرلماني يعقوبي أن الدخول في مسار التحكيم يمثل تحديًا دقيقًا ينبغي التعامل معه بحذر، دون السقوط في منطق رد الفعل المتأخر. وأشار إلى أنه سبق ونبّه الحكومة، في سؤال كتابي بتاريخ 14 جوان 2024، إلى ضرورة استشراف هذا السيناريو المحتمل، والتحصن بموقف تفاوضي متوازن يراعي الهوامش السيادية الاقتصادية للجزائر.


كما أكد يعقوبي على أن اتفاق الشراكة لا يفرض التزامات مالية تلقائية في حال صدور قرار تحكيمي، وهو ما أكده الوزير عطاف سابقًا، معتبرًا أن فرص الحل الودي لا تزال قائمة. إلا أن النائب دعا في الوقت ذاته إلى الانخراط الكامل والمسؤول في هذا المسار، إن فُرض، باعتباره فرصة لإعادة تأكيد الخيارات الاقتصادية الوطنية، وفرض مقاربة تحترم سيادة الجزائر وخصوصية نموذجها التنموي.


في المجمل، تبرز هذه الأزمة كمحطة حاسمة في مسار الشراكة الجزائرية الأوروبية، تُعيد طرح إشكالية التوازن في الاتفاقيات الدولية، وتفرض ضرورة مراجعة النصوص التي لم تعد تواكب التحولات الاقتصادية والاستراتيجية التي تشهدها الجزائر. وبين دعوات التهدئة والحوار من جهة، وإصرار الطرف الأوروبي على التحكيم من جهة أخرى، يبقى مصير العلاقة رهينًا بمدى قدرة الجانبين على إيجاد أرضية تفاهم تحفظ المصالح المتبادلة، بعيدًا عن التصعيد.


نسرين ج

تعليقات

تم التقييم بـ 0 من أصل 5 نجوم.
لا توجد تقييمات حتى الآن

إضافة تقييم
bottom of page