ثلاثون سنة من ترقية الأمازيغية: المحافظة السامية تستعرض إنجازاتها وتستشرف المستقبل
- cfda47
- قبل يوم واحد
- 2 دقائق قراءة

بمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيسها، نظّمت المحافظة السامية للأمازيغية ندوة وطنية تحت شعار "ترقية اللغة الأمازيغية في سياق الأمن الهويّاتي في الجزائر"، مستعرضة مسار ثلاثة عقود من الجهد المؤسسي والثقافي والتربوي، ومؤكدة التزامها بمواصلة العمل لتثبيت الأمازيغية كمكوّن أساسي في الهوية الوطنية.

تأسست المحافظة السامية للأمازيغية بتاريخ 27 ماي 1995 في سياق سياسي واجتماعي خاص، لتكون هيئة استشارية لدى رئاسة الجمهورية، مكلفة بترقية اللغة والثقافة الأمازيغية. ومنذ ذلك الحين، راكمت المؤسسة سلسلة من الإنجازات، لا سيما في المجال التربوي، حيث أُدرجت الأمازيغية في المنظومة التعليمية بشكل تدريجي، وتوسعت إلى 52 ولاية بحلول 2024، بعد أن كانت مقتصرة على 16 ولاية في 2015. في حديث خصّت به الإذاعة الوطنية، أكدت السيدة فريدة ياسف، إطار بالمحافظة، أن الاحتفاء بهذه المناسبة يشكل "محطة تقييمية واستشرافية"، لتحديد ما تم تحقيقه وما ينتظر المؤسسة من تحديات.
كما عرفت السنوات الأخيرة تعزيز الشراكة مع وزارتي التربية والاتصال، من خلال اتفاقيات إطار، أثمرت عن دعم تعليم الأمازيغية وظهورها في الفضاء الإعلامي. من بين الإنجازات البارزة في هذا السياق، إطلاق موقع إخباري باللغة الأمازيغية بوكالة الأنباء الجزائرية، بالحرفين العربي واللاتيني، إلى جانب وجود 28 محطة إذاعية تبث بمختلف التفرعات الأمازيغية.
تحت عنوان "ترقية اللغة الأمازيغية في سياق الأمن الهويّاتي في الجزائر"، نُظّمت ندوة وطنية يومي 27 و28 ماي، بشراكة مع النادي الوطني للجيش، بمشاركة خبراء وأساتذة جامعيين.
تطرّقت الندوة إلى ثلاث محاور كبرى: الإطار القانوني للأمازيغية، دورها في تعزيز الأمن الهويّاتي، ومكانتها في المنظومة التعليمية. وفي هذا الإطار، أشارت السيدة ياسف إلى أن الأمازيغية "محصّنة دستوريًا"، غير أن القوانين التنظيمية ما زالت بحاجة إلى "تحيين ومراجعة لمواكبة المستجدات السياسية والدستورية".
واعيةً بضرورة مواكبة العصر، أعلنت المحافظة عن إطلاق مكتبة رقمية في نهاية سنة 2024، تضمّ كافة إصداراتها، بما فيها القواميس والمعاجم والأعمال الأدبية والعلمية، متوفرة للباحثين والطلبة وكل المهتمين. وتُعد هذه المنصة من المكاسب النوعية في مجال النشر الرقمي للغة الأمازيغية.
كما ذكّرت المتحدثة بإطلاق "جائزة رئيس الجمهورية للأدب الأمازيغي" سنة 2020، والتي فتحت المجال أمام الكُتّاب والمبدعين في مختلف التخصصات، بما في ذلك أدب الطفل. وتعمل المحافظة على مواكبة كل المشاركين وتقديم الدعم اللوجستي والمالي، خاصة للجمعيات الثقافية الفاعلة في هذا المجال.
رغم صدور مرسوم تأسيس أكاديمية اللغة الأمازيغية في 2018 وتعيين لجنة أكاديمية، فإن المشروع لا يزال في طور الانتظار. واعتبرت ياسف أن تفعيل هذه الهيئة "يشكل أحد أكبر التحديات المستقبلية"، نظرا للدور العلمي والمؤسساتي المنتظر منها في ترسيخ استخدام الأمازيغية وتطويرها أكاديميًا.
تُدرك المحافظة، بحسب ياسف، ضرورة "إعادة النظر في الهيكلة الداخلية، وتعزيز صلاحيات المسؤول الأول"، بما يمكّنها من مجابهة التحديات المقبلة بفعالية أكبر. كما تم التأكيد على ضرورة تثمين التراث المادي واللامادي الأمازيغي، بالتعاون مع وزارة الثقافة والمجتمع المدني، عبر دعم الأنشطة المحلية وتمويل المشاريع التي تُسهم في إبراز الهوية الأمازيغية.
اختتمت السيدة ياسف حديثها بالتأكيد على أهمية الخروج من هذه الندوة بتوصيات "فعالة وقابلة للتطبيق"، تسهم في تعزيز إدماج الأمازيغية في مختلف المؤسسات التعليمية، الثقافية والإعلامية، مشدّدة على "ألا تبقى هذه التوصيات مجرّد حبر على ورق".
ختامًا، يبدو أن المحافظة السامية للأمازيغية تدخل عقدها الرابع برؤية أوضح، وتحديات جديدة تتطلّب من الدولة، بمؤسساتها كافة، مواصلة الالتزام العملي والميداني لترقية الأمازيغية، لغة وهوية.
نسرين ج
Comentários