top of page

قانون المناجم الجديد : بين تحفيز الاستثمار وحماية السيادة والتهميش تحت مظلة التنمية

  • cfda47
  • 20 يونيو
  • 2 دقيقة قراءة

تاريخ التحديث: 21 يونيو

ree

في خطوة تُعد من أبرز التحولات الاقتصادية في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، أقرّ البرلمان قانون المناجم الجديد، ليفتح باب الجدل حول مستقبل الثروات الباطنية، والتوازن الدقيق بين متطلبات التنمية وحماية المصالح الوطنية والبيئية.


في إطار الإصلاحات الاقتصادية الجارية، يثير قانون المناجم الجديد جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والاقتصادية في الجزائر، خاصة بعد إدراجه المادة 102 التي تحدد نسبة مساهمة المؤسسة الوطنية بـ20% في المشاريع المشتركة، ما اعتُبر تحولًا جذريًا في سياسة تسيير الثروات الطبيعية.


وفي خضم النقاشات المحتدمة حول قانون المناجم الجديد في الجزائر، برزت أصوات المدافعين عن البيئة وحقوق الإنسان لتطرح تساؤلات حادة حول تداعياته البيئية والاجتماعية، وسط مخاوف من أن تتحول الطموحات الاستثمارية إلى تهديدات صريحة للبيئة ولحقوق المجتمعات المحلية.


في المقابل، يرى المؤيدون أن القانون يُعد خطوة ضرورية لتحديث القطاع المنجمي، وخلق بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، مع التأكيد على أن آليات الرقابة والشفافية القانونية ستضمن الحفاظ على السيادة الوطنية. غير أن المختصين ونواب البرلمان عبّروا عن مخاوفهم من عدة جوانب.


استغلال غير مستدام للمناجم ومطالب بالشفافية: البيئة تدفع الثمن فأين الرقيب على الاستغلال الأجنبي؟


أولى الهواجس تتعلق بانعدام الضوابط البيئية الصارمة. فالانفتاح على مشاريع استغلال واسعة للمناجم، وخصوصًا في مناطق حساسة بيئيًا، قد يؤدي إلى تدهور الأنظمة البيئية، وتلوث المياه الجوفية، وتدمير الغطاء النباتي، دون وجود ما يكفي من آليات الرقابة والمساءلة البيئية الفعالة.


أما المجتمعات المحلية، خاصة تلك التي تقطن مناطق النشاط المنجمي، فتخشى من التهجير القسري أو فقدان مصادر رزقها التقليدية. فالقانون لا ينص صراحةً على إشراك هذه المجتمعات في اتخاذ القرار أو ضمان استفادتها المباشرة من العائدات، ما يعزز شعور الإقصاء والتهميش.


وفي سياق متصل، أعرب ناشطون عن قلقهم من تراجع مساحة حرية التعبير في ما يخص الدفاع عن البيئة، مستشهدين بقضية الناشط محاد قاسمي، الذي أُدين بالسجن على خلفية نشاطه البيئي والحقوقي، في خطوة وُصفت بأنها رسالة تحذيرية لمن يرفعون الصوت ضد المشاريع الاستخراجية.


ومن بين أبرز الانتقادات أيضًا، غياب الشفافية في منح التراخيص ومتابعة أداء الشركات الأجنبية، مما يفتح المجال أمام الفساد ويقوض مبادئ العدالة البيئية والاجتماعية. كما يُعتبر القانون، في نظر البعض، خطوة نحو خصخصة تدريجية لثروات البلاد، متجاهلًا مبدأ السيادة البيئية الذي يُعلي من شأن المصلحة العامة.


وسط هذه التحديات، يطالب المدافعون عن البيئة وحقوق الإنسان بإعادة النظر في التشريع الجديد، وتضمينه ضمانات صارمة تضع البيئة والإنسان في قلب أي مشروع تنموي، بدلًا من معاملتهما كتكلفة ثانوية.


ينص القانون في مادته الـ102 على أن تكون مساهمة المؤسسة الوطنية في المشاريع المنجمية المشتركة مع الشركاء الأجانب بنسبة 20% كحد أدنى، وهو تغيير جوهري عن قاعدة "51/49" السابقة. هذا التعديل، وإن كان يُروَّج له كوسيلة لجذب الاستثمارات وتحديث القطاع، إلا أنه أثار مخاوف حقيقية لدى المختصين وبعض النواب.


يُحذّر معارضو هذا التوجه من أن تقليص حصة الدولة قد يُضعف قدرتها على التحكم في القرارات الاستراتيجية، خاصة مع إخراج النشاط المنجمي من قائمة القطاعات السيادية. وتُشير الأصوات الناقدة إلى تجارب سابقة لم تكن مشجعة، منها مشاريع استثمارية لم تفِ الشركات الأجنبية فيها بالتزاماتها، ما تسبب بخسائر بشرية واقتصادية لا تزال البلاد تدفع ثمنها.


في المقابل، تؤكد الحكومة أن القانون الجديد يتضمن ضمانات قانونية وتنظيمية كفيلة بحماية الموارد الوطنية، مع توفير إطار تنافسي لتشجيع نقل التكنولوجيا وبناء كفاءات جزائرية قادرة على قيادة القطاع مستقبلًا.


ومع أن النص التشريعي قد تم تمريره، فإن النقاش حوله لم يُغلق بعد، بل يبدو أنه بات نقطة انطلاق لحوار أعمق حول شكل الاقتصاد الوطني في المستقبل، ودور الدولة في حماية ثروات الشعب دون الانغلاق أمام الفرص التنموية.


حكيم ش

تعليقات

تم التقييم بـ 0 من أصل 5 نجوم.
لا توجد تقييمات حتى الآن

إضافة تقييم
bottom of page